تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 50 - الجزء 1

  قبله تعالى لأنه لا يأمر بما يقبح فأما الغلب في الجهاد فإنه من قبل اللّه من حيث وقع بأمره وترغيبه.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله {قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ} كيف قطعوا بذلك وهو حكاية عن طالوت والذين آمنوا معه. وجوابنا ان المراد بذلك انه لا طاقة لنا الا من قبله على وجه الاتكال على اللّه تعالى وإضافة الحول والقوة اليه وقد قيل إن ذلك هو من قول أهل الشرك فيهم لا من قول المؤمنين.

[مسألة]

  وربما قيل كيف قال تعالى {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ} وكيف قال {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} أو ما يدل ذلك على أنه يريد القتال من الكفار أيضا وانه لم يرده من المؤمنين.

  وجوابنا أن المراد مشيئة الاكراه والمراد لو شاء اللّه أن يلجئهم فلم يقتتلوا لكن لم يشأ ذلك بل مكن من الأمرين تعريضا للثواب وقيل إن المراد بذلك ولو شاء اللّه أن لا يقتتلوا بسلب عقولهم لفعل ذلك لكن اختلفوا لما أعطاهم العقول في القدر ولما اختلفوا فلو شاء اللّه أيضا ما اقتتل الذين من بعده بأن يمنعهم من القتال بالقتال.

[مسألة]

  وربما قيل إن قوله في قصة طالوت {رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً} يدل على أن الصبر من قبل اللّه وأنتم تقولون انه من فعل العبد.

  وجوابنا انهم سألوا من الألطاف فيقوي نفوسهم على الصبر على القتال كما ذكرناه في قوله {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}.

[مسألة]

  وربما سألوا عن قوله تعالى {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ} وقالوا إن ذلك يدل على أن الاسلام من فعل اللّه فيهم. وجوابنا ان ذلك كقوله {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ}