تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 64 - الجزء 1

  اصطفاهم بالنبوة والرسالة وذلك لا يكون الا من قبله تعالى وان كان جل وعز لا يختارهم إلا لأمور كثيرة كانت من قبلهم وتكون أيضا من قبلهم فيما بعد.

  وربما أورد ذلك من يقول إن الأنبياء أفضل من الملائكة. وجوابنا أن المراد بذلك اصطفاهم بالرسالة على عالمي زمانهم، وذلك لا يتأتى في الملائكة لأن الملائكة كلها رسل على ما ذكره اللّه تعالى. واختلفوا في العالمين فقال بعضهم يدخل فيه كل الخلق وقال بعضهم العقلاء ومن هو من جنسهم، وقال بعضهم الناس دون غيرهم لأنهم الذين يظهر فيهم الجمع والتفريق ولذلك يقول القائل جاء في عالم من الناس ولا يقول جاء في عالم من البقر وكل ذلك يزيل هذه الشبهة خصوصا وقد ثبت بآيات كثيرة أن الملائكة أفضل كما ثبت أن نبينا أفضل فكما لا يمكن في هذه الآية أن يقال إن هؤلاء الأنبياء أفضل من رسولنا فكذلك ما ذكرناه في الملائكة.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ} انه يدل على أنه جعلها صالحة لأنها لم تكن نبية.

  وجوابنا أنه تعالى خصها بولادة عيسى # من بين سائر الأنبياء وذلك من قبل تعبدها.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} كيف يصح تحرير ما في البطن.

  وجوابنا ان المراد بذلك أنها نذرت أن يكون ما في بطنها مسلما للّه تعالى ذكرا كان أو أنثى موفرا على عبادة اللّه تعالى. وقد كان مثل ذلك من عبادات ذلك الزمان فلذلك قال تعالى {فَتَقَبَّلْ مِنِّي} ولذلك قال {فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً} وكل ذلك لما في المعلوم من أمر عيسى #.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى}