[مسألة]
  وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} ثمّ قال {لَيْسُوا سَواءً} فما المراد بذلك وقد وصفهم بالكفر وبهذه الصفات. وجوابنا انه لما قصد وصف الكثير منهم بذلك بين انهم يقاربون في ذلك لئلا يقدر بأن حالتهم واحدة ويحتمل ان بعضهم آمن فلذلك قال {لَيْسُوا سَواءً} وقوله من بعد {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ} يقوى الوجه الثاني.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله {ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ} إلى قوله {وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} كيف يجوز أن يحبهم مع نفاقهم وجوابنا ان المنافق والكافر يلزمنا ان نحب صلاحه في الدين والدنيا وان كانوا لا يحبون شيئا من مصالحنا وهذا كما يريد تعالى صلاحهما وان يلطف لهم وان كان هم لا يحبون طاعة ربهم وعبادته.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله {إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} كيف يصح أن يكون محيطا بعملنا والإحاطة لا تجوز الا على الأجسام وما يجري مجراها وجوابنا ان المراد إحاطة علمه بما نعمل وذلك مشبه بالجسم المحيط بغيره فكما ان ذلك الغير لا يخرج عن ما أحاط به فكذلك أعمالنا لا تخرج عن أن تكون معلومة للّه وذلك من اللّه تعالى ترغيب في عمل الخير وتحذير من المعاصي.
[مسألة]
  وربما قيل كيف قال تعالى {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} كيف يوصف الفضلاء من أصحاب رسول اللّه ﷺ بأنهم أذلة وجوابنا انه تعالى نبه بقوله {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} على أن المراد بقوله {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} قلة العدد والعدة والآلات والخوف من غلبة الكفار ولم يرد الذل الذي يجري مجرى الذم والنقص ومنه يقال لقليل العدد