[مسألة]
  ذلك وقد نصبه مبشرا ونذيرا وقال {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} وأضاف له الطاعة ومدحه بضروب المدح وقوله تعالى من بعد {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} يدل على أن المراد بذلك ما قدمنا لأنه بين أن صلاحهم يحصل بالتوبة ولا يحصل بمحبته ﷺ.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ} كيف يصح أن يصفها بأنها أعدت للكافرين ويقولون فيمن ليس بكافر من الفساق إنه يدخلها وكيف يصح من العباد اتقاء النار وهم يقهرون عليها. وجوابنا أن المراد بقوله {وَاتَّقُوا النَّارَ} اتقاء المعاصي التي توجب استحقاق عقاب النار وذلك ظاهر إذا قيل للمرء اتق ربك واتق السلطان أن المراد اتقاء ما يؤدي إلى تأديبهم فأما قوله {أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ} فلا يمنع من كونها معدة لغيرهم لان ذلك الشيء بحكمه لا ينفي ان ما عداه مثله وهذا كقوله تعالى في وصف النار {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} ومعلوم ان من لا يوصف بذلك من الحور والأطفال يجنبون النار أيضا.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} كيف يصح في الجنة وهي في السماء أن يكون عرضها السماوات والأرض. وجوابنا أنه قادر في نفس السماء والأرض أن يزيد فيها أضعافا كثيرة وكذلك يقدر على الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض وزيادة على ذلك. وقوله تعالى بعده {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} وان كان يدخلها من ليس بمتقي فبطل قولهم انه لما ذكر {أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ} دل على أنه لا يدخلها سواهم ثمّ بين تعالى صفة المتقين الذين يستحقون الجنة فقال {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ