تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 82 - الجزء 1

  لطفا إلى لطف ويعرف ذلك عنه الكافر وهذا كقوله {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً} وقيل إن ذلك نزل في كفار مخصوصين يوم أحد وهم الذين قال اللّه تعالى بحقهم {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} فبين تعالى انه سيلقي الرعب في قلوبهم فيغلبهم المسلمون.

[مسألة]

  وربما قيل قد قال {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} وذلك في يوم أحد وهو كالدلالة على أنه تعالى يفعل فيهم الاقدار والصرف.

  وجوابنا أنه تعالى ذمهم في قوله {حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ} فأراد انه يوم بدر أراهم ما يحبون لما لم يعصوا ويوم أحد عصوا وقد كان رتب لهم في مجاهدة الكفار ترتيبا خالفوه فلما لم يثبتوا في المحاربة على ما رسمه لهم لم يلطف لهم لأجل المعصية بل شدد التكليف عليهم فجاز ان يقول {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} ولذلك قال تعالى {لِيَبْتَلِيَكُمْ} أي ليمنحكم بمصالح العاقبة ثمّ قال {وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ} ولو كان الصرف من خلق اللّه تعالى فيهم لم يكن لذلك معنى وانما ضمن لهم النصرة بشرط طاعة الرسول فلما خالفوه ولحقهم بذلك الغم الصارف جاز أن يصفهم تعالى بذلك.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} وفي قوله من بعد {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ان ذلك يدل على أن لا صنع للعبد. وجوابنا أنه تعالى حكى عنهم ما ذمهم عليه وهو قوله {لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا} فلا دلالة فيما حكاه عنهم فأما قوله تعالى {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} فالمراد به ما يتصل بالنصرة والتمكين ولولا ذلك لما أمرهم بالجهاد ولما ذمهم على تركه ولذلك قال بعده {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ} فنبه على أنه تعالى يعلم من حالهم ما لا يعلمه وقوله تعالى بعد ذلك {وَلَوْ