شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ما يفسد النكاح وما يجب فيه الخيار

صفحة 154 - الجزء 1

  مسألة: (والثالث: أن يقع بينهما لِعَانٌ)، فإن الحاكم يُفَرِّقُ بينهما بعد تمام اللعان، على ما يأتي بيانه، وتكون هذه الفرقة فسخاً لاطلاقاً؛ وذلك لما رُوِيَ عن النبي ÷ أنه فرق بين المتلاعنين، ثم قال لهما: «لاَ تَجْتَمِعَانِ أَبَداً إِلَى يَومِ القِيَامَةِ»⁣(⁣١). وعن ابن عباس أن النبي ÷ فرَّقَ بين هلال بن أميةَ وزوجته، وقضى أن لا يُرمى ولدُها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضي أن لا بيتَ لها ولا قُوْتَ؛ من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق⁣(⁣٢)، ولا متوفى عنها زوجها، فإذا كانت فرقةً من غير طلاق ثبت أن هذا فسخٌ.

  مسألة: (والرابع: وقوع الرضاع بعد عقد النكاح نحو: أن يعقد الأبُ لابنه الصغير نكاح امرأةٍ كبيرةٍ، فترضعه في حَوْلَيْه، وكذلك إذا عَقَدَ الرجل بامرأةٍ صغيرة فأرضعتها امرأتُه، أو من يُوجب رضاعها تحريمها عليه في حوليها)؛ والأصل في ذلك قولُه ÷ «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ». فإذاحَصَلَ من الرضاع ما يوجب التحريم، فلا فرق بين أن يكون قبل عقد النكاح أو بعدَهُ، فلهذا يُوجب فسخ النكاح.

  مسألة: (والخامسُ: أن يُسْلِمَ المشرك وعنده أكثرُ من أربع نسوة، فإن نكاح الخامسة ونكاح من شاركها في عقدها باطلٌ)؛ وذلك مما لا خلاف فيه. والأصل فيه ما رُوِيَ عن النبي ÷ أنه قال للذي أسلم وعنده عشر نِسْوَةٍ: «أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعاً»⁣(⁣٣).


(١) شرح التجريد ٣/ ١٨٨، والشفاء ٢/ ٢٥٥، وأصول الأحكام، والاعتصام ٣/ ٣٦٨، والبيهقي ٧/ ٤٠٩.

(٢) الشفاء ٢/ ٣٦٠، وأصول الأحكام، وأبو داود رقم ٢٢٥٦، والبيهقي ٧/ ٤٠٢، ونصب الراية ٣/ ٢٥٢.

(٣) أصول الأحكام بلفظ: خذ منهن أربعا»، والدر المنثور ٢/ ٢١٠، وابن ماجه رقم ١٩٥٣ بلفظ: «اختر منهن»، ومثله أبو داود رقم ٢٢٤١، والبيهقي ٧/ ١٨١. هو غيلان الثقفي.