باب العارية
  مسألة: (ومتي اتُّهِمَ المودَع بشيء يلزمه الضمان كانت البينة على من اتهمه، وعليه اليمين)؛ وذلك لما ثبت من أنه أمين لا ضمان عليه، فمتي ادُّعيَ عليه ما يوجب الضمان فأنكره كانت البينة على المدعي، وعلى المودَع اليمين؛ اقول النبي ÷: «البَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، واليَمِيْنُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ».(١)
بابُ العارية
  مسألة: (العاريةُ: هي إباحةُ المنافع). والدليل على ذلك أنه يجوز للمعير الرجوعُ في العارية - وإن كانت في وجوه القُرَبِ أو صلة الرحم - بالإجماع؛ فلولا أنها إباحة لما صح ذلك؛ لأنها لو كانت تمليكاً للمنافع لم يَجُزِ الرجوعُ فيها إذا كانت لذي رحم، أو وقعت في وجوه القُرَبِ، كما لا يجوز الرجوع في الهبة إذا كانت كذلك.
  مسألة: (وللمستعيرالانتفاعُ بالعارية، وليس له أن يُعيرَها سواه إلا بإذن صاحِبِها). أما الانتفاع بها؛ فلما ذكرنا أنها إباحة المنافع، فجاز الانتفاع بها. وإنما لم يَجُزْ له أن يُعيرَهَا غيرَهُ لأنه لا خلاف أن من أُبيح له شيء لم يجز له أن يبيحه لغيره.
  مسألة: (والعَارِيَةُ لا تُضْمَنُ إلا بأمرين: أحدهما: أن يشترط صاحبُها ضمانَها(٢). والثاني: أن يتعدى المستعير فيها). أما ضمانها بالشرط فالأظهر أنه إجماع أهل البيت $. ووجهه ما روي عن النبي ÷ أنه استعار من صفوان بن أمية(٣) دروعاً: فقال صفوان: أعارية أم غصباً، فقال له ÷: «بَلْ
(١) المسند ص ٢٩٣، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٢١٣، والترمذي رقم ١٣٤١، والبيهقي ٨/ ٢٧٩، والدارقطني ٤/ ١٥٧.
(٢) عند الشافعية يضمن وإن لم يضَمَّن.
(٣) ابن خَلَفٍ الْجُمَحي، كان من أفصح قريش، وأحد أشرافها في الجاهلية، وأحد المطعمين، أسلم بحنين، =