شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ما يحل من الأطعمة والأشربة أويحرم

صفحة 282 - الجزء 1

  مسألة: (ويُكره أكلُ كثير من حرشات الأرض كالضب والقنفذ)؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ لما سئل عن الضب، فقال: «إنَّ الله تعَالَي سَخِطَ عَلَى سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرائِيْلَ، فَمَسَخَهُم دَوَابَّ يَدِبُّونَ عَلَى الأَرْضِ، فَمَا أَظٌنُّهُمْ إِلاَّ هَؤُلاَءِ، وَلَسْتُ آكُلُهَا وَلاَ أُحَرِّمُهَا»⁣(⁣١). والقنفذ جَارٍمَجرى الضَّبِ في كونه من حرشات الأرض، فكان حكمُهُ كحكمه. وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: أُتِيَ رسولُ الله ÷ بِجَفْنَة قد أُدِمَت، فوجد فيها خُنْفُسَاءَ وذُبَاباً، فأَمَرَ به فَطُرِحَ ثم قال: «سَمُّوا عَلَيه وَكُلُوا؛ فَإِنَّ هَذَا لا يُحَرِّمُ شَيْئاً»⁣(⁣٢). فلو كانت الْخُنْفُسَاءُ مأكولاً لم يَرمِ بها، وتقاس عليها حرشات الأرض في كراهة أكلها.

بابُ ما يَحِلُّ مِنْ الأَطْعِمَةِ وَالأشرِبَةِ أَوْيَحْرُم

  مسألة: (يَحِلُّ من الأطعِمَةِ والأشرِبَةِ ما لا نجاسة فيه، ولا يُخشي معه مضرة مما جرت العادةُ بحصولها منه، فإن كان نجساً، أو يخشي معه مضرة، لم يجز أكْلُهُ ولا شُرْبُهُ). أما حِلُّ ما هذه صفته؛ فلقوله تعالى: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}⁣[المؤمنون: ٥١]، وقوله: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}⁣[البقرة: ٥٧]، وأما تحريمُ ما يَنْجُسُ؛ فلقوله تعالى في الخمر: {فَاجْتَنِبُوهُ}، فإذا وَجَبَ اجتنابُه - ولا يتم إلا باجتناب ما وَقَعَ فيه وخالطه - وجب ذلك؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجباً كوجوبه، وكذلك الكلام في سائر النجاسات؛ فإنه قد وَجَبَ علينا اجتنابُها، واجتناب ما خالطته؛ لمثل ذلك. وأما ما يُخْشَي


(١) شرح التجريد ٦/ ٢٣١، والشفاء ٣/ ١٧٣، والاعتصام ٤/ ٣٧٣، وشرح معاني الآثار ٤/ ١٩٨، و مسلم رقم ١٩٥١.

(٢) شرح التجريد ٦/ ٢٣٠، والأحكام ٢/ ٤٠٢، والشفاء ٣/ ١٦٣، وأصول الأحكام، و الاعتصام ٤/ ٣٦٥.