شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الصلح

صفحة 227 - الجزء 1

  الهادي والقاسم @). أما أخذ الرهن فإنما لم يجز لما ثبت من أن الرهن لا بد فيه من تراضي الراهن والمرتهن؛ للإجماع على ذلك. قلنا: ولا شيء يقبضه بحقه إلاَّ برضا الظالم؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلىَ مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»⁣(⁣١). فلوأخذ هذا المظلوم شيئاً من غير رضاء ظالمه لكان قد خان من خانه، وهذا منهي عنه. قلنا: أو بحكم الحاكم؛ لما ثبت من أن الحاكمَ قائمٌ بمصالحِ المسلمينَ، ومنتصف للمظلومِ من ظالِمه، فإذا امتنع الظالم من تسليم ما يلزمه كان للحاكِمِ أن يقومَ مقامَه في ذلك.

بابُ الصلحِ

  مسألة: (الصلحُ جائزٌ في الأموال والحقوق، وله شروط ثلاثة: أحدها: أن يكون بين من يجوزتصرفه من العقلاء. والثاني: أن يكون بشيء معلوم. والثالث: أن يكون عن شيء معلوم، فإن لم تحصل بعض هذه الشروط كان فاسداً). أما الشرط الأول: فإنما وجب اعتباره؛ لأن وقوع الصلح من الأطفال والمجانين والمماليك الذين لم يؤذن لهم لا يجوز، كما لا يجوز شيء من تصرفاتهم، كالبيع والهبة وغير ذلك. وأما الشرط الثاني: وهو أن يكون بشيء معلوم، فلا خلاف في ذلك، ووجهه أنه عوض عما وقع الصلح عنه؛ فوجب أن يكون معلوماً، كعوض المبيع والمرهون وغير ذلك. وأما الشرط الثالث: وهو أن يكون عن شيء معلوم؛ فلأن الصلح على هذا الوجه عقد


(١) الشفاء ٣/ ٧٣، والاعتصام ٤/ ٢٣٦، والترمذي رقم ١٢٦٤، وأبو داود رقم ٣٥٣٤، والبيهقي ١٠/ ٢٧٠، والدار قطني ٣/ ٣٥، والحاكم ٢/ ٤٦، ونصب الراية ٤/ ١١٩، و مجمع الزوائد ٤/ ١٤٥.