باب القسامة
بابُ القسامة
  مسألة: (إذا وُجِدَ قتيلٌ في قريةٍ ولم يدَّعِ ورثتُهُ قَتْلَهُ عند إنسان بعينه، ففيه القَسَامَةُ: وهي أن يحلف خمسون رجلاً - يختارُهم ورثةُ المقتولِ، ممن يوجد في تلك القرية - بالله ما قتلوه، ولا عَلِمُوا له قاتِلاً، ثم يُحْكَمُ بالدية على عَوَاقِل أهل تلك القرية كلِّهم(١)). والأصل في ذلك ما روي أن رجلاً جاءَ إلى النبي ÷ فقال: إني وجدتُ أخي قتيلاً في بني فلان، فقال: «اجْمَعْ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رجلاً، فَيَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَتَلُوهُ، وَلاَ يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلاً»، فقال: يا رسول الله، مالي من أخي إلا هذا؟ قال: «بَلَى لَكَ مِائةٌ مِنَ الإِبلِ»(٢). والخبرُ يقتضي أن اليمينَ على من وُجِدَ القَتِيْلُ بينهم، والدية تلزمهم. وعن أمير المؤمنين # في قتيل وُجِدَ في محلةٍ لا يُدري من قتله، فقضى # على أهل الْمَحِلة أن يُقْسِمَ منهم خمسونَ رجلاً ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً، ثم يغرمون الدية(٣). وإنما قلنا: يُحْكَمُ بالدية على عواقلهم؛ لأن أكثر ما في هذا الباب أن يكون ما يلزمهم شبيهاً بما يلزم في جناية الخطأ، فإذا ثبت أن العاقِلةَ يحملون ما يلزم في جناية الخطأ، فحملُهم لما يلزم في هذا الباب أولى.
  مسألة: (ولا تجب القَسَامَةُ إلا على الرِّجَالِ الأحرار البالغين - دون غيرهم - ممن حضر القرية في الوقت الذي وُجِد فيه القتيلُ(٤)، سواء كانوا
(١) عند الشافعية لا تجب الدية.
(٢) شرح التجريد ٥/ ١٩٤، والأحكام ٢/ ٣٠٧، ومعناه في الشفاء ٣/ ٤١١، والاعتصام ٥/ ٢٣٠، والبيهقي ٨/ ١٢٨.
(٣) المسند ص ٣٤٧، وشرح التجريد ٥/ ١٩٤، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٤١٤، والاعتصام ٥/ ٢٣١.
(٤) وقال أبو حنيفة: بل تجب على الغائب أيضاً.