شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب التدبير

صفحة 256 - الجزء 1

بابُ التدبير

  مسألة: (وهو أن يقولَ الرجلُ لعبده: أنت حرٌّ بعد موي فيصير بذلك مدبَّراً، ولا يجوز له هبته ولا بيعه إلا من ضرورة إلى البيع، وسواء قال له: أنت حر بعد موتي، أو قال له: قد دبَّرتُك أو أعتقتُك بعد موتي، فإنه يصير مدَبَّراً بذلك). والأصل فيه ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «الْمُدِبَّرُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُشْتَرَى، وَهُوَ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ»⁣(⁣١). ولا خلاف في صحة عتق المدبر بعد الموت، وأنه من الثلث. قلنا: ولا يَبِيْعُهُ إلا من ضرورة؛ لما روي عن النبي ÷ أنه باع مدبَّراً في دَيْنِ الذِي دَبَّرَهُ⁣(⁣٢)، وفي بعض الأخبار أنه ÷ قال: «إِذَا احْتَاجَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأَ بِنَفْسِهِ»⁣(⁣٣).

  مسألة: (فإن مات وعليه دين، ولا مال له غيره، سعى المدبر في مقدار قيمته لأهل الدَّين وكان حراًّ)؛ وذلك لأن عتقه جار مجرى الوصية من حيثُ كان من الثلث، ولا خلاف في ذلك؛ وللخَبَرِالمتقدم، ولا شك أن الدُّيُونَ أولى من الوصايا؛ لأنها حقوقٌ واجبةٌ في المال، والتدبير ليس بواجب كالدين؛ فلزم تقديمُ الدين عليه، إلا أن المدبَّر لما انعقد له سبب الحرية، وهو التدبير، وكان حق الغرماء متعلقاً بالتركة وجب العمل بمقتضى هذين الحقّين فأنفذنا عتقَه، وألزمناه أن يسعى في مقدار قيمته توفيةً لكل واحد من الحقّين بقدر الإمكان.


(١) شرح التجريد ٥/ ٢٥، والشفاء ٣/ ٨٣٠، وأصول الأحكام، والدار قطني ٤/ ١٣٨

رقم ٥٠، والبيهقي ١٠/ ٣١٤، وابن ماجه رقم ٢٥١٤ بلفظ: «المدبر من الثلث».

(٢) شرح التجريد ٥/ ٢٥، وأصول الأحكام، والبيهقي ١٠/ ٣١٣.

(٣) شرح التجريد ٥/ ٢٥، والشفاء ٣/ ٨٣، وأصول الأحكام، والبيهقي ١٠/ ٣١٢، وابن حبان رقم ٣٣٤٢، ومسند أحمد رقم ١٥٠٢٩.