باب ذكر من توضع فيهم الزكاة
  الفقر. وإنما قلنا: إنها لا تجب إلا على من ملك قوت عشرة أيام؛ لأنه لا بد من الفرق بين من تلزمه الفطرة وبين من لا تلزمه؛ فكان الفرق بقوت عشرة أيام أولى، كما ثبت مثله في كفارة اليمين؛ فإنَّ مَنْ يملك قوت عشرة أيام تلزمه الكفارة بالإطعام، ومَنْ لا يملك ذلك لا تلزمه، والجامع بينهما أنهما حقان يجبان في المال، لا يزدادان بزيادة المال، فإذا اعتبر في أحدهما وهو الكفارة بقوت عشرة أيام فكذلك الآخر وهو الفطرة.
باب ذكر من توضع فيهم الزكاةُ
  مسألة: (أهلُ الزكاة هم الأصناف الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٦٠}[التوبة: ٦٠]) فالآية مشتملة على ذكر الثمانية الأصناف. فالأول: الفقراء: وهم الذين لا يملكون من فضلات الأموال ما يَبْلُغُ مقداره أو قيمته عشرين مثقالاً أو مائتي درهم. ومعنى الفضلات فهو ما يفضل عما يحتاجون إليه من المْنزِل والثياب والخادم، فإذا كانوا كذلك فهم الفقراء. والثاني: هم المساكين: وهم الذين لا يملكون ما يملكه الفقراء من ذلك وهم أسوأُ حالاً من الفقراء. وفي ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لَيْسَ الْمِسْكيْنَ بِالطَّوافِ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالأَكْلَةُ وَالأَكْلَتَان، لَكِنَّ الْمِسْكيْنَ الَّذِي لاَ يَجِدُ مَا يُغْنِيهِ»(١). فنفى المسكنة عمن يرده ما يُعْطَاهُ، وأخبر
(١) شرح التجريد ٢/ ٨٠، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٥٦٦، وابن حبان رقم ٣٣٥١، وشرح معاني الآثار ١/ ٢٧.