باب القول في الطلاق
  مسألة: (والأمُّ أولى بإرضاع ولدها، فمتى طالبت بالنفقة والأجرة على الرضاع كان لها)؛ وذلك لما رُوِيَ عن النبي ÷: أن امرأةً قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وِعاءً، وثديي له سِقاءً، وحجري له حِواءً، وإن أباه أراد أن يطلقني، وأراد أن ينتزعه مني. فقال لها النبي ÷: «أَنْتِ أَحَقُّ بِه مِنْهُ مَا لَمْ تَنكِحِي»(١)، فاقتضى ذلك أنها أولي به على الأحوال كلِّها، ما لم تَنكِحْ، فكانت أولى برضاعه، فإن طالبت بالنفقةِ والأُجرةِ على الرضاع كان لها ذلك؛ لأن نفقتَه واجبةٌ على الأب؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٣٣]، ولقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[الطلاق: ٦]، وهذا ظاهر.
باب القول في الطلاق
  مسألة: (الطلاقُ ضربان: طلاقُ سُنَّةٍ، وطلاقُ بدعةٍ. فطلاق السُّنَّةِ هو أن يُطَلِّقَهَا الزوجُ ابتداءً، في طُهْرٍ لم يُجامِعْها فيه)، ومعنى تطليقِهِ لها ابتداءً هو أن لا يُطلقها في ذلك الطهرِ إلا تطليقةً واحدةً. ولا بُدَّ في طلاق السنة من أن يجمع أموراً ثلاثة: أحدُهَا: أن تكون المرأةُ طاهرةً. والثاني: أن لا يكون قد جامعها في ذلك الطهر. والثالث: أن لا يكونَ قد طلقها فيه. والأصل فيه أن عبدالله بن عُمرَ طلَّق زوجتَه وهي حائض، فَذَكَرَ ذلك عمرُ لرسول الله ÷ فقال: «مُرْهُ فَلْيَرْتَجِعْهَا، ثم يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثم تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِن بَدَا
(١) شرح التجريد ٢/ ٢١٢، والشفاء ٣/ ٣٦١، والاعتصام ٣/ ٣٧٧، وأبو داود رقم ٢٢٧٦، والبيهقي ٨/ ٤، والدار قطني ٣/ ٣٠٤، والمستدرك ٢/ ٢٢٥ رقم ٢٨٣٠.