شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

مقدمة المؤلف:

صفحة 13 - الجزء 1

مقدمة المؤلف:

  ، الحمدلله على سوابغ نعمه، وتَوَامِّ منحه وقسمه، وصلى الله على خير خلقه: عربه وعجمه، وأفضل نبي هدى أمته ببدائع حكمه، وجوامع كلمه، محمد المبعوث بالفائق من أخلاقه وشيمه، وعلى آله المقتدين به في فضله وكرمه.

  أما بعد: فإنَّ نعم الله سبحانه لا تحصى وإن فاتت التعداد، وطَبَّقَتِ الأغوار والأنجاد، فمن أعظمِها نعمةً العلمُ الذي هو ضياء في الظلمات، وشفاء للأسقام الملمات. وفنونه منقسمة إلى ما يجري في صلاح الأديان، مجرى العافية في تقويم الأبدان، وإلى ما يجري مجرى الشراب والطعام، في حفظ قوى الأجسام.

  فالأول: هوعلم أصول الدين. والثاني: علم الشرائع، ومعلوم عند أهل البصائر عموم النفع في الفَنَّين، وإن تفاوتا فيه كتفاوت هذين المثلين، ولا شك في ملازمة الحاجة إلى العافية في كافة الحالات، واعتراض الفاقة إلى الأغذية في بعض الأوقات، والجامع لهذين العلمين بمنزلة من عوفي في بدنه، وتناول ما يوافقه من أغذيته، والعادم لهما جميعا بمنزلة من عدم صحة البدن والموافق من الغذاء، والمقتصرعلى علم الأصول بمثابة صحيح البدن عديم الأغذية. والمتشاغل بعلم الفروع دون الأصول بمثابة سقيم البدن كثير الأغذية. وهذه فروق ظاهرة، وقد نبه على مثلها رسول الله ÷ حيث جعل الفن الأول رأسَ العلم الذي لا قوام له إلا به، وأدخل الثاني في غرائبه التي هي تابعة له، فقال له رجل: يا نبي الله علِّمني من