شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب جناية العبيد والبهائم

صفحة 321 - الجزء 1

باب جناية العبيد والبهائم

  مسألة: (ما جَنَى العبدُ وفيه قصاصٌ، فإنه يُقْتَصُّ منه، وما كان فيه أَرْشٌ أو قيمةٌ فذلك لازم لسيده إلى قدر قيمة العبد). والأصل في ذلك أن القِصَاص يلزمه للأدلة الموجبة له، من قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥]، الآية، ومن قول النبي ÷: «العَمْدُ قَوَدٌ». فأما الأرش والقيمة؛ فالأصل في ذلك أن جناية العبد لابد من أن يلزمَ فيها ضمان، إذ لا يجوز أن تكونَ هَدَراً. ثم لا يخلو ذلك الضمانُ: إما أن يَجِبَ في ذمَّة العبد، أو في رقبته، أو في ذمَّةِ مولاه، ولا يجوز أن يَجِبَ الضمانُ في ذمته. لأنه لا ذمةَ له. وإنما تثبت له ذمةٌ إذا عُتِقَ، وقد يجوز أن يُعْتَقَ ويجوز أن لا يُعْتَقَ، فلم تكن له ذمة يتعلق بها ضمان جنايته. ولا يجوز أن تجب في ذمَّةِ مولاه؛ لأنه لم تكن منه جنايةٌ. فلم يبق إلا أن يتعلق الضمانُ برقبته، فإن سلَّمَه سيدهُ بجنايته لم يلزمه غيرُ ذلك؛ لأنه سلَّم الرَّقَبَةَ التي تَعَلَّقَ الحق بها، فوجب أن لا يلزمه سوى ذلك. فإن كان قد استَهْلَكَ العبدَ ببيعٍ أو هبة أو عِتْقٍ؛ لزمه أرش الجناية إلى قدر قيمته؛ لأنه ضمنه بالاستهلاك، فلزمه الضمان إلى قدر قيمة العبد المستهلك، وإن اختار إمساكه فداه بارش جنايته، وإن كان أكثرَ من قيمة العبد، لأنه متى طلب إمساكَ الرقبة التي تعلَّق الحقُّ بها، لزمه جميعُ الأرش، وكان أولى بعبده؛ لأنه لما فداه بالأرش، تخلَّص مما كان قد تعلَّق به من الحق، فصار في حكم من لم تقع منه جناية.

  مسألة: (ومن وَقَّفَ دابته في طريق المسلمين، أو ركضها في بعض شوارعهم؛ ضَمِنَ ما أتلفته بيدها أو رجلها، فإن سَيَّرَها سيراً هَيِّناً على ما جرت به العادةُ