باب الصدقة
  عنه ÷ أنه قال: «العُمْرَى جَائِزَةٌ لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ»(١)، فاقتضى ذلك أنها تكون كالهبة إذا كانت مطلقةً.
  مسألة: (وإن علقها بوقت نحو أن يقولَ: أعمرتُك عُمْرَكَ أوعمري فهما في معنى العارية، ويجوز فيهما ما يجوز في العارية)؛ وذلك لما تقدم من الخبر الذي قال فيه ÷: «إِنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ»؛ فاقتضي ذلك أن جعله له يورث عنه، وليس ذلك إلا بأن يموت وهو في ملكه. وإنما يثبت ذلك في الْمُطْلَقَةِ التي هي بمعنى الهبة، فإذا لم تكن كذلك لم يثبت فيها الملك وإنما يثبت فيها حقُّ الانتفاعِ مدة العُمري؛ فهذا هو معنى العاريةِ؛ لأنها إباحة المنافع.
باب الصدقة
  مسألة: (الصدقةُ ضربان: أحدُهما: يثبت به الملك لِلمُتَصَدَّق عليه في أصلها؛ وهذه لابد فيها من الإيجاب والقبول، ولابد أن تكون معلومةً كالهبة)؛ وذلك لأنها عقد تمليك فافتقرت إلى الإيجابِ والقبولِ كالهبة والبيع وغيرهما. وحُكِيَ عن السيدين الهارونيين ® أن القبض في الصدقة يَحِلُّ مَحَلَّ القبول؛ للعرف الجاري فيما بين الناس(٢). قلنا: ولابد من أن تكونَ معلومةً كالهبة؛ وذلك لأنها عقد تمليك كالهبة؛ فكما وَجَبَ أن
= والترمذي رقم ١٣٥٠، وأبو داود رقم ٣٥٥٣.
(١) شرح التجريد ٤/ ٢٦٠، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٦٤، والاعتصام ٤/ ٢٢٠، والبخاري رقم ٢٤٨٢ بلفظ: «قضى النبي ÷؛ العمري لمن وهبت له»، ورقم ٢٤٨٣، والترمذي رقم ١٣٥٠، والبيهقي ٦/ ١٧٤، وأبو داود رقم ٣٥٥٠، وكذلك ابن حبان رقم ٥١٣٠، وشرح معاني الآثار ٤/ ٩٢.
(٢) كلام السيد المؤيد بالله في شرح التجريد ٤/ ٢٥٨، و كلام السيد أبي طالب في التحرير ٢/ ٤٣٣.