شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الحوالة

صفحة 229 - الجزء 1

باب الحوالة

  مسألة: (وهي أن يقولَ من عليه الدينُ لصاحبه: قد أَحَلْتُكَ بدينك على هذا، ويرضَى به صاحبُ المال، فإذا تم ذلك انتقل المال عن الْمُحيل إلى الْمُحالِ عليه، ويبرئ المحيل منه، ولم يكن لصاحب المال رجوع إلى المحيل، وإن أفلس من أحاله عليه). والأصل في الحوالة ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وإِذَا أُحِيْلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيْءٍ فَلْيَحْتَلْ»⁣(⁣١). وفي بعض الأخبار: «فَلْيَتْبَعْ». وذلك يقتضي صحة الحوالة. واعتبرنارضي صاحب الحوالة [المال]؛ لقوله ÷: «لا يَحِلُّ مَالُ امرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ» ولا يعتبر في ذلك رضي الْمُحال عليه؛ لأن النبي ÷ لم يشترطه في الحوالة. قلنا: وينتقل الحق إلى الْمُحال عليه، ولا يكون له رجوع إلى الْمُحِيل - وإن أفلس الْمُحالُ عليه؛ لما روي أنه كان لرجل على أمير المؤمنين # حق، فسأله أن يحيل به على رجل، كان لعلي # عليه حق، ففعل، فلم يصل إلى ماله من جهة الرجل، فجاء إلى علي #، فقال: اخترت علينا غيرنا أبعدك الله⁣(⁣٢). فلما قال في عهد رسول الله ÷ ذلك عُلِم أن الحوالةَ توجب نقلَ الحقِّ عن الْمُحيل إلى الْمُحال عليه، وأن لا يَرجِعَ عليه بحال، وما روي عن علي # أنه قال: «لا تَوَى⁣(⁣٣) على مالِ مسلم، إذا أفلس المحال عليه رجع صاحب


(١) شرح التجريد ٦/ ١٦٣، والشفاء ٢/ ٢٦٤، والاعتصام ٤/ ٤٩٩، والبيهقي ٦/ ٧٠، ونصب الراية ٤/ ٤٩، والترمذي رقم ١٣٠٩ بلفظ: «فليتبع».

(٢) شرح التجريد ٦/ ١٦٤، والشفاء ٣/ ٢٦٤.

(٣) أي لا ضياع ولا خسارة وهو من التَّوي: الهلاك. النهاية في غريب الحديث ١/ ٢٠١.