شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الوديعة

صفحة 234 - الجزء 1

  الخصم فليس له عزله إلا في وجه الخصم أيضاً؛ لما تعلق به من حق الخصم في المنازعة، فلم يكن له إبطال حق خصمه في غير وجهه. وإذا عزله في وجهه كان للخصم مطالبة الْمُوَكِّلِ، فلا يلحقه ضرر بالعزل.

بابُ الوديعة

  مسألة: (والوديعةُ أمانة عند المودَع، ولا يضمنها إِن تلفت بغير تعدِّ منه ولا تقصيرٍ في حفظها)؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «مَنِ اسْتُوْدِعَ وَدِيْعَةً فَلا ضَمَانَ عَلَيْهِ». وعن أمير المؤمنين # أنه قال: «لاَ ضَمَانَ عَلَى مُستْعِيْرٍ، وَلاَ مُسْتَودَعٍ، إِلاَّ أَنْ يُخَالِفَ». وذلك يقتضي سقوط الضمان عنه إلا بالمخالفة، ويدخل تحتها التعدي والتقصير في الحفظ.

  مسألة: (ومن التعدي: أن يُعيرَها، أو يرهَنها، أو يودِّعَها عند غيره بغير إذن صاحبها، ومن غير أن يخشي تلفها إذا لم يودعها أو يسافر بها، وكذلك إن خالف صاحبها في شيء مما شرط عليه كان متعدِّياً). أما لزوم الضمان له بأن يعيرَها أو يرهنها أو يودعها بغير إذن صاحبها، ولغير ضرورة فلا خلاف فيه. وأما الْمُسَافَرَةُ بها ففيها خلاف⁣(⁣٣). وإنما قلنا بضمانه؛ لأنه مخالف في الحفظ المعتاد؛ لأن العادة ما جرت بحفظ الأموال في الأسفار؛ فيكون سفره بها تركاً للحفظ الذي لزمه، فيضمن، كما لو أودعها عند غيره، وكذلك إذا خالف ما شرط عليه ضَمِنَ؛ لتركه ما شُرِطَ عليه.


(١) شرح التجريد ٦/ ١٨٥، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٧٣، وابن ماجه ٢/ ٨٠٢ والبيهقي ٦/ ٢٨٩.

(٢) المسند ص ٢٨٧، وشرح التجريد ٦/ ١٨٥، وأصول الأحكام.

(٣) عندنا ليس له أن يسافر بما وهو قول الشافعي، وأجاز أبو حنيفة السفر بها.