فصل: (وسننه أربع):
  مسألة: (والثامن: الترتيب بين هذه الأعضاء)؛ فرضٌ واجب. والدليل على وجوبه ما في الآية من قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}؛ فاقتضى هذا الظاهرُ أن يَبدأ بغسل الوجه عقيبَ القيام؛ لأن الفاء حرف تعقيب؛ وكل من أوجب الابتداء بالوجه أوجب الترتيب بين هذه الأعضاء فثبت وجوبه، ولما روي عن النبي ÷ أنه قال: «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ»(١) وهذا عام يقتضي وجوب تقديم ما قدمه الله سبحانه إلا ما خصه الدليل.
فصل: (وسُنَنُه أَربع):
  مسألة: (الأولى منها: غسل اليدين في أوله)؛ وذلك لما في خبر أمير المؤمنين حيث حكي وضوءَ النبي ÷ فبدأ بغسل يديه ثلاثاً؛ ولقول علي #: أول ما يُبدأُ به من الوضوء غسلُ الكفين(٢)؛ فثبت أنه من المشروع في الوضوء وليس بواجب؛ لقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}؛ فلو كان غَسلُ اليدين واجباً قبله لأَمَرَ به، ولما روي عن النبي ÷ أنه قال لعلي # حين ابتدأ الوضوء: «تَمَضْمَضْ وَاسْتَنْشِقْ وَاسْتَنْثِرْ» ولم يأمره بأن يغسل يديه في الابتداء فدل على أنه ليس بواجب؛ فكان سنة.
  مسألة: (والثانية: الجمع بين المضمضة والاستنشاق من غَرفة واحدة). والدليل على ذلك ما روي عن علي # أنه فعله عند حكايته لوضوء النبي ÷.
(١) شرح التجريد ١/ ٤٧، والشفاء ٢/ ٤٠، ومسلم رقم ١٢١٨، وفتح الباري رقم ١٥٦٦، وابن حبان رقم ٣٩٤٤، والبيهقي ٥/ ٩٣، وسنن الدارمي رقم ١٨٥٠، والترمذي رقم ٨٦٢، وابن ماجه رقم ٣٠٧٤، وأبو داود رقمه ١٩٠٥.
(٢) الترمذي رقم ٤٨ عن أبي حيَّة قال: «رأيت عليا توضأ فغسل كفيه حتى أنقاهما» ... الخ، ومثله في سنن أبي داود رقم ١١٦.