شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الصلح

صفحة 228 - الجزء 1

  معاوضة؛ فوجب أن يكون المعوض عنه معلوماً كالمبيع؛ والأصل في الصلح قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}⁣[النساء: ١٢٨]. وما روي عن النبي ÷ أنه قال: «اعْلَمْ أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا صُلْحاً أَحَلَّ حَرَاماً، أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً. وَالْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرْوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطاً حَرَّمَ حَلاَلاً»⁣(⁣١).

  مسألة: (ولا يجوز الصلح في الأنساب، ولا في الحدود، ولا علي الإنكار⁣(⁣٢)، ولا عن نقدٍ بدين، ومعناه أن يكونَ ما وقع به الصلح دَيْناً في الذمة)، وإنما لم يَجُزْ في الأنساب والحدود؛ لأنه عَقْدٌ على عِوَضٍ وَأَخْذُ العوض على ذلك لا يجوز، وإن كان على غير عوض؛ فهو إبراءٌ، أو إسقاط، والإسقاط في ذلك لا يصح. أما الصلح على الإنكار فمعناه أن ينكر المدعَى عليه ما تضمنته الدعوى، ثم يصطلحان مع الإنكار لذلك؛ وإنما لم يجز لأنه يأخذُ ما يأخذه بغير حق يتضح له، وإنما يأخذه على وجه المفاداة ودفع أذي الخصومة، وذلك باطل، وقد قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}⁣[النساء: ٢٩]، ويدخل تحتَ الصلحِ الذي أَحلَّ حراماً؛ وقد منع منه ÷. وإنما لم يجز الصلح عن نقد بدين؛ لأنه يجري مجرى بيع الدين بالدين وذلك لا يجوز.


(١) شرح التجريد ٦/ ١٦٦، والشفاء ٣/ ٢٧١، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٥٠١، والترمذي رقم ١٣٥٢، والمعجم الكبير ١٧/ ٢٢ رقم ٣٠، وأبو داود رقم ٣٥٩٤، وابن ماجه رقم ٢٣٥٣، والبيهقي ٦/ ٦٥، ٧٩، والدار قطني ٣/ ٢٧، وشرح معاني الآثار ٤/ ٩٠.

(٢) أجازت الحنفية الصلح مع الإنكار.