شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب العتق

صفحة 255 - الجزء 1

  وقع الحكم، وكذلك من حَنِثَ في يمينه بالعتق؛ لأنه عتق معلق بشرطٍ، فَوَقَعَ العتقُ عِنْدَ وقوعِ الشرطِ.

  مسألة: (ومن أعتق بعضَ عبده عَتَقَ كلُّه)؛ وذلك لما روي أن رجلاً أعتق شِقْصاً له في مملوك، فأعتقه النبي ÷ وقال: «لَيْسَ للهِ شَرِيْكٌ»⁣(⁣١). فثبت بذلك أنَّ العِتْقَ لا يُبَعَّضُ بل يكون عِتْقُ بعضِه عِتْقَ كُلِّهِ.

  مسألة: (وإن أعتق عبداً مشتركاً بينه وبين غيره بغير إذن صاحبه عتق العبد أيضاً، فإن كان المعتق غنياًّ ضمن لشريكه قيمة نصيبه، وإن كان فقيراً سعى العبد للشريك في قيمة نصيبه)؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصاً لَهُ أَوْ شِرْكاً لَهُ في مَمْلُوكِه فَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ كُلُّهُ في مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ اسْتَسْعَى العَبْدَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَليْه»⁣(⁣٢). قلنا: إذا كان العتق وقع بغير إذن شريكه؛ لأنه إذا وقع بإذنه فقد رضي بفعل شريكه فلم يكن على شريكه ضمان؛ لأنه لم يجن عليه جناية فيلزمه ضمانها.

  مسألة: (ومن أعتق عَبْدَهُ في حال مرضه المخوف منه ولا مال له سواه عتق العبد، وسعى للورثة في ثلثي قيمته، وكذلك إن أوصى بعتقه بعد موته كان من الثلث أيضاً، إلا أن يجيزه الورثة)؛ وذلك لأن عتقه في هذه الحال يجري مجرى الوصية؛ لما تعلق به من حق الورثة، فإن أجازوه جاز، وإلا نفذ من الثلث كما في سائر الوصايا، وكذلك حكم الوصية بعتقه.


(١) شرح التجريد ٥/ ١١، والشفاء ٣/ ٨١، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٢٥٣، والبيهقي ١٠/ ٢٧٣، والمعجم الكبير ١/ ١٩١ رقم ٥٠٧، وشرح معاني الآثار ٣/ ١٠٧.

(٢) شرح التجريد ٥/ ١٥، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٨١، والبخاري رقم ٢٣٦٠، ومسلم رقم ١٥٠٣، والبيهقي ١٠/ ٢٨١، ونصب الراية ٣/ ٢٨٢، والنسائي رقم ٤٩٦٤.