شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القسامة

صفحة 320 - الجزء 1

  من سكانها أو من الأضياف فيها)؛ وذلك لما في الخبر من قوله: «اجمَعْ منهم خمسين رجلاً»، فثبت أن هذا حكمٌ متعلق بالرجال دون النساء والصبيان؛ ولأن النساء والصبيان ليسوا من أهل القتال، ولا من أهل النُّصْرَة، ولهذا لا يدخلون في العاقلة. وكذلك العبيد ليسوا من أهل القتال ولا من أهل النصرة باختيار أنفسهم، وإنما يتصرفون باختيار مواليهم، فإن أمروهم بشيء امتثلوه، فلم تلزمهم القَسَامةُ؛ لأنها إنما تلزم من كان من أهل النصرة والدفاع عن ذلك المقتول، فلم يدفع عنه، فصار في حكم المقصِّرِ فيما وَجَبَ عليه، وهذا يختص بالرجال الأحرار البالغين العقلاء. قلنا: سواء كانوا من السكان بها أو من الأضياف فيها؛ لأن الْخَبَرَ المتضمنَ لإيجاب القسامة لم يفصل بين من يكونُ غريباً أو أصيلاً؛ ولأنهم من أهل النُّصرة والقتال، فصاروا كالسكان فيها.

  مسألة: (وإذا لم يوجد في القرية خمسون رجلاً - كُرِّرَتِ الأيمانُ على من وجد منهم حتى تكمل خمسين يميناً)؛ وذلك أن أولياء الدم قد استحقوا خمسين يميناً، فلهم أن يستوفوها ممن قد لزمته على الوجه الممكن، ولا يمكن مع نقصان عددهم سوى التكرار، فكان لهم المطالبة به.

  مسألة: (ومن امتنع من اليمين بعد المطالبة بها، حُبِسَ حتى يَحْلِفَ أو يُقِرَّ)، وذلك لأن الأَيمان في القَسَامةِ حَقٌّ لأولياء الدم؛ لما تقدم من الخبر، فوجب حُبْسُ الممتنع منها، كما يحبس في سائر الحقوق.

  مسألة: (وكذلك القول في القتيل إذا قُتِلَ بين الصفين فيكون حكمُ الحاضرين للفتنة حُكْمَ أهل القرية)؛ وذلك لأن الخبر المتضمنَ لذكر القَسَامة لم يفصل بين أن يوجد القتيلُ في قرية القوم أو فيما بين صفيهم، فكانت القَسَامَةُ واجبةً عليهم.