الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[المعاقدة والمحالفة والمعاهدة]

صفحة 121 - الجزء 2

  قال عبد الله #: والقول عندنا الأول، غير أنهم قد أجمعوا جميعاً أن هذا النصيب منسوخ على المعاني كلها، وأجمعوا بعد هذا أنه لما تكلم الناس في جميع ما ذكرت من هذا الباب، وخاضوا فيه أنزل الله سبحانه: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}⁣[الأنفال: ٧٣].

  فصدق الله سبحانه، لولا ما حكم به من ذلك لاختلف الميراث، وفسدت الأنساب حتى يحرم من ذلك الحلال، ويحل الحرام من النكاح والميراث وغير ذلك، فالحمد لله على [٨٥ ب - ب] منه وفضله.

  ولقد بلغني أنهم كانوا إذا تبنى أحدهم الصبي، وكان المتبني له من العرب والصبي مولى نسبه إلى العرب، وتزوج فيهم، من ذلك ما ذكر عن أبي حذيفة بن عتبة⁣(⁣١) وكان بدرياً: أنه تبنى سالماً⁣(⁣٢) وأنكحه ابنة أخيه [٢٦ ب - أ] هند بنت الوليد بن عتبة⁣(⁣٣)، وسالم مولى امرأة من الأنصار.

  وأما قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا}⁣[الأحزاب: ٦].

  فإنما عنى بذلك: أن يوصى للذين عوقدوا بوصية على أحد التفضيل والجميل، لا على الإيجاب لذلك، وكذا بلغني عن ابن عباس وغيره، فأي فساد يكون أفسد عند من عقل مما ذكرنا من أن ينسب الرجل إلى غير أبيه أو يرثه غير وارثه.


(١) هو أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، أحد السابقين واسمه مهشم، وهاجر إلى الحبشة مرتين، واستشهد يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة هو ومولاه سالم، عاش (٥٣) سنة. سير أعلام النبلاء (١/ ١٦٤ - ١٦٧)، الاستيعاب (٤/ ١٩٧).

(٢) هو سالم بن معقل، وقيل: سالم بن ربيعة، كان من أهل فارس من إصطخر، يعد في القراء، وقد أنكحه أبو حذيفة ابنة أخيه (فاطمة بنت الوليد بن عتبة) وهي من المهاجرات، قتل يوم اليمامة شهيداً.

أسد الغابة (٢/ ٢٤٥ - ٢٤٧)، سير أعلام النبلاء (١/ ١٦٧ - ١٧٠)، الاستيعاب (٢/ ١٣٥ - ١٣٦ ترجمة ٨٨٦).

(٣) هند بنت الوليد، لها اسمان هند بنت الوليد، وفاطمة بنت الوليد بن عتبة، كانت زوج سالم مولى أبي حذيفة، انظر: أسد الغابة (٥/ ٥٢٧، ٥٦٣)، الاستيعاب (٤/ ٤٥٥ ترجمة ٣٤٩٧).