الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[ما نسخ من الشراب بالتحريم]

صفحة 135 - الجزء 2

  يقول: {لَيْسَ عَلَى [٣٢ أ - أ] الأَعْمَى حَرَجٌ}، ولوكان كما قالوا لقال: ليس على من أكل مع الأعمى حرج، وهذا لا يصلح في الكلام عند أهل المعرفة واللسان.

[ما نسخ من الشراب بالتحريم]

  قال عبد الله بن الحسين ª: وأما ما نسخ من الشراب بالتحريم فلا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً أنه محرم، وإنما اختلفوا في بعض التأويل وأنا ذاكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى، قال الله تبارك وتعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}⁣[النحل: ٦٧] فالسكر ما أسكر والرزق الحسن ما كان منه حلالاً مباحاً مثل: الزبيب والخل وغيرهما مما هو حل مباح، ثم قال ø عند مسألة الناس للنبي ÷: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}⁣[البقرة: ٢١٩] يريد سبحانه في المنافع - أي: فيما ينتفع به من ثمنها، ثم قال ø: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}؛ فزعم قوم أنها كانت تُشرب في تلك الأيام قبل نزول هذا وتباع، فلما أنزل الله هذا اجتنبها كثير من الناس، وقال آخرون: لم تكن تشرب في ذلك الوقت، ثم أنزل الله بعد ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}⁣[النساء: ٤٣] فاختلف الناس في تأويل هذه الآية، فقال قوم: يعنى بالسكر: [٩١ أ - ب] سكر الخمر، وقال آخرون: إنه سكر النوم⁣(⁣١) وهذا [١٥ أ - جـ] عندنا هو القول، فلما نزلت هذه الآية اجتنبها أيضاً كثير من الناس، ثم أجمع الناس - بعد ما ذكرنا من ذلك فلا أعلم بينهم اختلافاً - أن جميع ما ذكرت من هذه الثلاث الآيات [٣٢ ب - أ] منسوخات نسخها الله (بما)⁣(⁣٢)


(١) ممن قال بذلك: الضحاك، إذ قال: (المراد بالسكر سكر النوم) يعنى لا تقربوا الصلاة عند غلبة النوم.

انظر: الإيضاح ص (٢٢٩).

(٢) ورد في الأصل: (فيما) وهو تصحيف؛ إذ أن الآية لا تنسخ فيما أنزل من آية، ولكن تنسخ بما أُنزل.