الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[حكم الجهاد]

صفحة 112 - الجزء 2

  الحاجة والمشغول، فأنزل الله: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً}⁣[التوبة: ٤١]، ومما حرضه في غيرها، غير أنها أكثر سورة نزل فيها ذكر الجهاد والأمر به والفرض له. وقد بلغني من حيث أثق عن رسول الله [٢٣ أ - أ] ÷ [١١ أ - جـ] [٨٢ أ - ب] أنه قال [٥٤/ ٢]: «الجهاد ماض إلى يوم القيامة، لا يرده جور جائر ولا عدل عادل»⁣(⁣١)، وقد قال بعض الناس أن قول الله تعالى: {فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعًا}⁣[النساء: ٧١]، منسوخة⁣(⁣٢) نسخها قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}⁣[التوبة: ١٢٢].

[حكم الجهاد]

  قال عبد الله بن الحسين ª: ولا أدري ما هذا القول! الجهاد عندنا واجب على كل أحد إلاَّ على من لم يقدر عليه لعلة مانعة، وهذه الآية عندي ناسخة وليست بمنسوخة، أعني: {فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعًا}⁣[النساء: ٧١] هي الناسخة؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً}⁣[التوبة: ١٢٢]، وإنما كانت قبل النسخ لمن كان خائفاً للعدو على من يتركه وراءه من أهله في وقت ضعف الإسلام وبدئه، وفيها كلام وحجج لم يصلح ذكر ذلك في هذا الموضع كراهية التطويل.

  وقال بعض الناس: إن الفرائض خمس: شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، والحج إلى البيت⁣(⁣٣)،


(١) أخرجه المتقي الهندي في منتخبه (٢/ ٢٨٤) وعزاه للديلمي عن أنس، وانظر (١/ ٤٥)، (٦/ ٣٦٩)، وأخرج بما يوافقه أبو داود في سننه (٣/ ٤٠ رقم ٢٥٣٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ١٥٦).

(٢) انظر: نواسخ القرآن ص (١٣٢)، هبة الله ص (١٣٢)، زاد المسير (٢/ ١٢٩ - ١٣٠)، القرطبي (٥/ ٢٧٥)، وقال: والصحيح أن الآيتين جميعاً محكمتان.

(٣) أخرجه البخاري رقم (٤٥١٥٢٨)، ومسلم (١٦)، والترمذي (٢٧٣٦)، والنسائي (٨/ ١٠٧ - ١٠٨)، والسيوطي في الجامع الصغير (١/ ٤٨٨) رقم (٣١٦٢) وأحمد في مسنده (٤/ ٣٦٣، ٣٦٤)، عن جرير (٢/ ٢٦، ٩٣، ١٢٠)، والطبراني في الكبير (٢/ ٢٣٦٣، ٢٣٦٤، ٢٣٦٨) (١٢/ ١٢٨٠٠، ١٣٢٠٣، ١٣٥١٨) عن جرير بن عبد الله، وصاحب المجمع (١/ ٤٧) وعبد بن حميد في المنتخب من المسند (٨٢٢) وغيرهم.