[آية التقوى]
  شيئاً منها إلاَّ بعد صلاة العشاء وعند وقت النوم، فشربوا ذلك في غير ذلك الوقت؛ فهذا عندي ليس بصحيح، غير أنا ذكرنا ما قد تكلم فيه الناس كيلا يحتج به محتج على من قرأ كتابنا هذا والحمد لله كثيراً.
[آية التقوى]
  قال عبد الله بن الحسين ª: ومما أيضاً تكلم فيه الناس واختلف في ناسخه ومنسوخه قول الله ø: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران: ١٠٢](١) فزعم قوم أنها منسوخة نسخها قول الله ø: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، فتأولوا ذلك أنه ليس عليهم جهاد ولا غيره مما يحمل عليه التقوى، ورخصوا في هذا الباب حداً من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم قليل، وقال آخرون إنها محكمة، وإنها ناسخة لما فيه الرخصة، وهذا قولنا وعليه نعتمد، والمعنى عندنا وعند أكثر الناس في قوله ø: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِه} أي جاهدوا في الله حق الجهاد، ولا تأخذ أحداً في الله لومة لائم إذا رآه يعصى، وأن يقام بالقسط
(١) من قال إنها محكمة، أي الآية (١٠٢) من آل عمران - قال: إن حق تقاته أداء ما يلزم العبد على قدر طاقته، فكان قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} مفسراً لحق تقاته لا ناسخاً ولا مخصصاً، فمن اتقى الله ما استطاع فقد اتقاه حق تقواه وممن قال إنها محكمة: مارواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهو قول طاوس وفي معنى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} ثلاثة أقوال:
الأول: المعنى أن يُطاع الله فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر وهو قول ابن مسعود والحسن وعكرمة، وقتادة، ومقاتل.
الثاني: أن يجاهد في الله حق الجهاد، وأن لا يأخذ العبد فيه لومة لائم، وأن يقوموا له بالقسط، ولو على أنفسهم، وآبائهم، وأبنائهم رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وهو ما ذهب إليه المؤلف #.
الثالث: أن معناه: اتقوه فيما يحق عليكم أن تتقوه فيه قاله الزجاج. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (٨٤ - ٨٥)، الإيضاح (٢٠٣)، الطبري (٢/ ٣٥٦)، عقود العقيان (٢/خ)، التبيان لابن أبي النجم، نواسخ القرآن (١٠٧ - ١٠٩)، المصفى ص (٢٢ - ٢٣)، ابن حزم (٣١)، ابن العربي (٢/ ١٢٥ وما بعدها).، هبة الله ص (١٠٠ - ١٠١)، تفسير الخازن (١/ ٢٧٦ - ٢٧٧، زاد المسير (١/ ٤٣١ - ٤٣٢).