الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[أموال اليتامى ومخالطتهم]

صفحة 125 - الجزء 2

[كتاب الأطعمة والأشربة]

[أموال اليتامى ومخالطتهم]

  قال عبد الله بن الحسين ª: وأمَّا ما نسخ من أموال اليتامى، قال الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}⁣[النساء: ١٠]، فلما نزلت هذه الآية كره المسلمون أن يكفلوا اليتامى، وتحرجوا من أن يخالطوهم، وسألوا النبي ÷ كيف يفعلون في أمرهم؟ فأنزل الله سبحانه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}⁣[البقرة: ٢٢٠](⁣١) يريد الله ø (بأعنتكم) - أي: ضيق عليكم، لكن قد وسع عليكم وسهل بقوله: {مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}⁣[النساء: ٦] فنسخ الله الأكل بالظلم والعدوان لأموال اليتامى، بأن يؤكل منها بالمعروف عند الحاجة والفقر، فأذن في مخالطتهم بالنفقة، مع النفقة وكذلك قال تعالى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} فهذا ما ذكره الله من النسخ في أموال اليتامى، ولا أعلم فيه اختلاف عند خاص ولا عام، إلاَّ أن قوماً قالوا: يجب لمن كفل اليتيم أن يأكل من ماله بالمعروف إذا كان فقيراً كائناً من كان ويخالطه بالنفقة، فإن كانا يتغابنان عند الأكل فيكون الولي أكثر أكلاً


(١) انظر: النحاس ص (٥٣ - ٥٤)، نواسخ القرآن (٨٣ - ٨٤) جامع البيان (/ ٣٨١ - ٣٨٧)، زاد المسير (١/ ٢٤٣ - ٢٤٧)، تفسير الطبري (٢/ ٢٠٥ - ٢٠٨)، القرطبي (٣/ ٦٢٦٦)، وبعد قوله تعالى: {ويسألونك عن} نهاية [٢٨ أ - أ].