الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[أقسام الناسخ والمنسوخ]

صفحة 43 - الجزء 1

  وحكمه في آياته بالنسخ له، ويترك العمل بما فيها منه، مما قد مضى وأمر بترك الحكم به، ويثبت مَا يشاء مما حكم به في آيات أخرى فلا ينسخها⁣(⁣١)، ولا يبدل فرضها لا بعمل لم يزعزع الحكم بها بعد [٢ أ - أ] ولم يمض.

  {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}، يقول الله سبحانه: إن عنده أصل ذلك، وجملته مثبتاً في علمه [١ ب - جـ] لا يعزب عنه شيء مما نسخ، ولا مما لم ينسخ، ولا مما وقع الحكم به ومضى، ولا مما لم يقع به بعد⁣(⁣٢) ولم يمض.

[أقسام الناسخ والمنسوخ]

  قال عبد الله بن الحسين ª(⁣٣): ولم يختلف أحد علِمْتُه من العلماء، لا خاص، ولا عام أن الآية الناسخة والمنسوخة (ثابتتان)⁣(⁣٤) في المصحف يقرءان جميعاً، وأن الآية المنسوخة إنما ترك حكمها، وترك العمل بها، وهذا وجه الناسخ والمنسوخ عندي، والله الموفق للصواب برحمته.


(١) استشهاداً بقوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} أي بما هو أنفع لكم وأسهل عليكم، وأكثر لأجوركم، وليس معنى أن آية خير أو أفضل من آية أخرى؛ لأن كلام الله تعالى كله واحد، أما قوله تعالى: {أَوْ مِثْلِهَا}، فالمعنى في المنفعة والثواب، فما نسخ إلى الأيسر كان أسهل في العمل، كالذي كان على المؤمنين من فرض قيام الليل، ثم نسخ ذلك فكان خيرا لهم في عاجلهم، لسقوط التعب والمشقة عليهم، وما نسخ إلى الأشق كان أكمل في الثواب كالذي كان عليهم من صيام أيام معدودات في السنة، فنسخ ذلك وفرض صيام شهر رمضان، فكان صوم شهر كامل في كل سنة أثقل على الأبدان، وأشق من صيام أيام معدودات، فكان ثوابه أكمل وأكثر، أما المثل فكنسخ التوجه إلى بيت المقدس، وصرفه إلى المسجد الحرام، واستواء الأجر في ذلك؛ لأن على المصلي التوجه إلى حيث أمره الله تعالى. انظر: تفسير الخازن. (١/ ٦٩)، جامع البيان للطبرسي (٧/ ٣٩٩)، الطبرسي (٤/ ١٨٥ - ١٨٧)، الجوهر الشفاف لعبد الله بن الهادي (خ. رهن التحقيق).

(٢) في (جـ): يقع بعدد.

(٣) في (أ): #.

(٤) في (ب): باقيتان.