[حد الحرابة]
  بعضاً، فعلمنا أنه إنما أراد ما ذكرنا من تكافؤ نفوس الأحرار بينهم، و أن كلما ذكره الله سبحانه من نفس أو غيرها فهو بين الأحرار دون العبيد، فإن زعم زاعم أن {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ناسخ فكيف يساوي بين أنفس الأحرار والعبيد، ولا يساوي بينهم في الجراح والقصاص في الأعضاء والآية واحدة، والكلام نسق يتبع بعضه بعضاً لم يفصل بينه بشيء، فلا بد لمن قال بهذا أن يجعل القصاص بين الحر والعبد في كل شيء، وإلاَّ فسدَ عليه قوله لإجماعه، مع إجماع الأمة أنه لا قصاص في الجراح بين حر وعبد، ورَدته الحجة إلى قولنا؛ لأنه ليس له أن يأخذ بعض الآية ويدع بعضها، ويفضل من ذلك ما لم يفضله الله به، وكيف يرى أن يقتل حرٌ بعبد لم يرد بقتله فساداً في الأرض، ويستحل ذلك ويستجيزه، و لا يرى أن يجعل بينهم قصاصاً فيما دون النفس، والنفس أكبر [٧٥ أ - ب] وأعظم من القصاص، وهذا أيضاً قول منهم بلا ثبت ولا حجة لا من الكتاب ولا من السنة ولا من المعقول.
[حد الحرابة]
  قال عبد الله بن الحسين ª: ومما اختلف فيه من الحدود أيضاً [ماروي] عن النبي ÷ [٣٦/ ١] أن قوماً من عرنة(١) وقيل: من بني سليم(٢) قدموا على النبي ÷ المدينة، فاعتلوا بها، فقال لهم رسول للهً: «الحقوا بإبل الصدقة فاشربوا [١٥ ب - أ] من ألبانها وأبوالها»، ففعلوا فصحوا ومالوا على الراعي فقتلوه وارتدوا عن الإسلام، واستاقوا الإبل، فبلغ رسول الله ÷ الخبر، فأرسل في إثرهم،
(١) عُرَنة: بوزن هُمَزة، و ضحكة، واد بحذاء عرفات، وقيل: بطن عرنة مسجد عرفة والمسيل كله، وله ذكر في الحديث، وهو بطن عرنة.
وعَرَيْنَةَ: بلفظ التصغير لِعِرنْة، موضع ببلاد فزارة، وقيل: قُرى بالمدينة، وعرينة: قبيلة من العرب. انظر: معجم البلدان (٤/ ١١١ - ١١٥).
(٢) هم: بنو سليم بن فطرة بن غنم بن دوس بن عدنان من جهينة إحدى قبائل الحجاز انظر: معجم قبائل العرب لكحالة (٢/ ٥٤٢، ٥٤٣).