[من المسائل المتفرقة: آية النجوى]
  فأما ما يحتج به من لم يرى الحكم بينهم ولا إقامة [٢٩ أ - أ] الحدود عليهم، فلا يلتفت إلى قوله [٨٨ أ - ب] ولا إلى ما احتج به، ومن أكبر حججهم أنهم زعموا أنهم قد صولحوا على شركهم وتركوا عليه، والشرك أكبر من غيره، فكذلك يتركون على ما هم عليه، لا يقام بينهم حد ولا يحكم فيهم بحكم، وتأولوا أن رسول الله ÷ إنما أقام عليهم الحدود؛ لأن ذلك كان قبل أخذ الجزية منهم، وهذا كله عندنا وعند أهل المعرفة فاسد ضعيف قاسوه على غير قياس، ولعمري لئن كان النبي ÷ أقام عليهم الحدود قبل أخذ الجزية منهم، وهم أهل هدنة كغيرهم من المشركين، أن ذلك لهم بعد إقرارهم بالجزية وتسليمهم واستكانتهم للإسلام والمسلمين، وأداء الجزية والذل والصغر والرضا بما فعل فيهم من أخذها أن ذلك لازم لهم، والحكم بينهم أوكد؛ إذ رضوا بالإقامة في دار الإسلام، وهم يعلمون ما يلزم كل متعبد فيها من الحكم، وما جاء به الكتاب من الحدود وغيرها.
  قال عبد الله بن الحسين ª: وكيف يرد أهل الجزية إلى حكامهم، وهم يحكمون بغير الحق وبخلاف ما أنزل الله تبارك وتعالى، ويأخذون الرشا، وينفقونها في معاصي العلي الأعلى، قال الله سبحانه: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}[المائدة: ٤٢](١) والسحت: الربا والرشا، وهذا قولنا وهو الحق عندنا. والله أعلم.
[من المسائل المتفرقة: آية النجوى]
  قال عبد الله بن الحسين ª: فأمَّا النجوى(٢) وما نسخ منها فإني [٨٨ ب - ب] لا أعلم بين أحد من أهل العلم في ذلك اختلاف، فالذي عندي في
(١) بعد قوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} نهاية [٢٩ ب - أ].
(٢) النجوى: السر، ومعنى النجوى في الكلام ما ينفرد به الجماعة والاثنان، سراً كان أو ظاهراً.