الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[الإكراه في الدين وعلته]

صفحة 143 - الجزء 2

  يُجْزَ بِهِ}⁣[النساء: ١٢٣] والعمل فهو الإجماع - أي النية - على فعل شيء واعتقاده [٣٦ أ - أ] والعمل به؛ لأن من الأعمال ما يعمل به اللسان والقلب، ومنها ما يعمل بالأيدي والأرجل فهذا ما في الباب عندي. والله أعلم.

  وقد بلغني عن ابن عباس أنه يقول: إن الآيتين محكمتان⁣(⁣١) ويتأول في ذلك شبه بما تأولنا.

[الإكراه في الدين وعلته]

  قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليها: ومما اختلف فيه الإكراه في الدين وعلته [١٦ ب - جـ] وما نسخ من ذلك، قال الله ø: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ}⁣[البقرة: ٢٥٦] فزعم قوم أنها منسوخه⁣(⁣٢) نسخها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}⁣[التوبة: ٧٣]، وزعم آخرون أنها محكمة، والقول عندي - والله أعلم - إن الآيتين محكمتان، وأما قوله ø: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فهي في أهل الكتاب الذين أعطوا الجزية ورضوا بالذل والصغار، وأما الجهاد وما أمر به منه فلغيرهم من الكفار والمنافقين والفساق، وذكر ذلك ما افترض الله منه في كتابه كثير، وفرضه مؤكد بين والحمد لله رب العالمين.


(١) أي الآية (٢٨٤، ٢٨٦) من البقرة، انظر: النسخ في القرآن، د. مصطفى زيد (٢/ ٦٠٦ - ٦٠٩).

(٢) اختلف العلماء حول معنى الآية على ستة أقوال:

الأول: أنها منسوخة نسختها (آية ٧٣) من التوبة، وروي هذا عن ابن مسعود وكثير المفسرين.

الثانس: ليست بمنسوخة وأنها نزلت في أهل الكتاب خاصة.

الثالث، والرابع، و ... والسادس: انظر: تفسير القرطبي (٣/ ٢٨٠ - ٢٨١)، (٨/ ٢٤٠) وكذلك انظر: نواسخ القرآن ص (٩٢ - ٩٤)، النحاس (٧٦ - ٧٧)، الإيضاح (١٩١)، التبيان لابن أبي النجم، تفسير الطبري (٣/ ٣٠٥ - ٣٠٧)، جامع البيان (٣/ ١٥ - ١٩)، هبة الله ص (٩٦)، عقود العقيان (٢/خ)، ابن حزم (٣٠)، الحلي (٥٠)، المصفى بأكف أهل الرسوخ (٢١)، تفسير النسائي (١/ ٢٧٣)، زاد المسير (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦).