الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[نكاح الزانية والزاني]

صفحة 71 - الجزء 1

  يعرف هذا الخبر، ولا يجب أن يصدق بمثله عن النبي (÷) ولا على أحد من أصحابه، بل قد بلغنا [١٩/ ١] أن بعضهم سأل عما كانوا يأخذون من السبي فقالوا: كنا نأمرهن أن يغتسلن ثم يتوجهن القبلة، ثم نأمرهن أن يسلمن ويشهدن أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله ÷ ثم يدنوا منها صاحبها بعد أن يفعل ذلك ويستبرى أرحامهن، وهذا الحديث مفسد⁣(⁣١) ما ادعوا في سبي أوطاس.

[نكاح الزانية والزاني]

  ومما اختلف فيه قول الله تعالى: {الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}⁣[النور: ٣] فزعم قوم أنها منسوخة لا يعمل بها⁣(⁣٢)، وأن الآية التي بعدها هي التي نسختها، وهي قوله الله سبحانه: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ}⁣[النور: ٣٢]؛ فزعموا أن البغايا هن الأيامى، واعتلوا أيضا


= حتى تضع ولا غير حائض حتى تحيض حيضة»، وفي هذا أحاديث، أي في استبراء الأمة إذا ملكت قال الشوكاني في نيل الأوطار (٦/ ٢٥٩، ٢٦٢): وظاهر هذا الحديث أنه لا يشترط في جواز وطئ المسبية الإسلام ... إلخ. انظر سنن أبي داود ٢/ ٢٤٧، السنن الكبرى للبيهقي ٩/ ١٢٤، مسند أحمد ٣/ ٦٢.

أوطاس: واد في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين للنبي ÷ ببني هوازن، ويومئذ قال النبي ÷ «حمي الوطيس» وذلك حين استعرت الحرب وهو ÷ أول من قاله. معجم البلدان (١/ ٢٨١).

(١) في (جـ): تفسير.

(٢) للعلماء في هذه الآية أقوال أربعة:

الأول: أنها منسوخة، وممن قال بذلك سعيد بن المسيب، وهو الذي عليه أكثر العلماء وأهل الفتيا، وممن ذهب إلى ذلك أيضاً ابن عمر وسالم وجابر بن زيد وعطاء وطاوس ومالك بن أنس.

الثاني: أن النكاح في الآية هو الوطء، وممن ذهب إليه ابن عباس واختار هذا القول محمد بن جرير.

الثالث: أن الزاني هاهنا المجلود في الزنا لاينكح إلاَّ زانية مجلودة في الزنا أو مشركة وكذلك الزانية، قاله الحسن.

الرابع: أنها الزانية التي تكتسب بزناها وتنفق على زوجها، وهو قول مجاهد، وسيأتي التوضيح في حاشية لاحقة انظر: النحاس ص (١٩١ - ١٩٣)، نواسخ القرآن ص (١٩٨)، هبة الله بن سلامة ص (١٥٠)، فتح المنان في نسخ القرآن ص (٣٢٠ - ٣٢٢).