[المعاقدة والمحالفة والمعاهدة]
  فنسخت الميراث كما ذكرنا ونسخ النسب بقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب: ٥].
[المعاقدة والمحالفة والمعاهدة]
  قال عبد الله بن الحسين ª: وأمَّا الأحلاف والحلف فإن الله أنزل فيهم؛ وذلك أنهم كانوا يتحالفون في الجاهلية بقول الرجل للرجل: تعاقدني على أني أرثك وترثني، فأنزل الله فيهم: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}[النساء: ٣٣] فأمر أن يؤتوا نصيباً مما تركوا بلا ميراث، ثم نسخ ذلك أيضاً بقوله [٨٥ أ - ب] تعالى: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأحزاب: ٥]، وقد قال قوم: إن النصيب الذي أمر الله أن يؤتى لأهل المعاقدة هو السدس، وزعموا [٢٦ أ - أ] أنهم كانوا يتوارثون في الجاهلية، ميراث الابن لأبيه وميراث الأب لابنه حتى جاء الإسلام فرجعوا، وكانوا يتوارثون السدس حتى نسخ الله ذلك بما ذكرنا، وبقول رسول الله ÷: [٥٥/ ٢] «آلا لا عقد في الإسلام»(١).
  قال عبد الله بن الحسين ª: ولا أعلم في هذا الباب اختلافاً بين خاص ولا عام، إلاَّ في هذا الموضع وحده؛ فإنهم اختلفوا فقال بعضهم: إن النصيب الذي أمرهم الله تعالى به أن يؤتوه الذين عاقدت أيمانهم إن يوصى لهم بشيء، وقال آخرون: أمرهم الله أن يعطوهم نصيبهم في المشورة أن يحضروهم إياها، ويعطوهم النصر على عدوهم، ويعطوهم من العقل إذا كان، ومن [١٢ ب - جـ] الدية.
(١) أخرجه المتقي الهندي في المنتخب (٦/ ٦٢١) بلفظ: «لا حلف في الإسلام، وكل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلاَّ شدة» ومسلم في صحيحه (٤/ ١٩٦١) وأبو داود في سننه (رقم ٢٩٢٥)، والطبراني في الكبير (١١/ ١١٧٤٠) عن ابن عباس و (٢٣/ ٨٨٨) عن أم سلمة، والهيثمي في المجمع (٨/ ١٧٣)، وأحمد في المسند (٣/ ١٦٢)، (٤/ ٨٣)، (٥/ ٦١)، (٢/ ٢١٥، ٢٠٥)، (١/ ٣١٧)، وأبو يعلى في مسنده (١١٩/ ٢)، (٣٢٢/ ١)، وانظر أيضاً: جامع البيان (٤/ ٥٣ - ٥٨)، السنن الكبرى للبيهقي (٦/ ٢٦١ - ٢٦٣) تفسير الخازن (١/ ٣٦٩) ابن كثير (١/ ٧٧٢)، زاد المسير (٢/ ٧١ - ٧٣).