الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[أموال اليتامى ومخالطتهم]

صفحة 126 - الجزء 2

  من اليتيم لا حرج عليه؛ لأن الله قد أباحه بالمخالطة، وقال آخرون: لا يحل البتة لمن كفل يتيماً أن يأكل من ماله إلاَّ أن يكون من عصبته ممن ترثه ويرثك، فإذا كان كذلك جاز له أن يأكل من ماله إذا كان فقيراً، كما يجب عليه نفقته إذا كان أحدهما موسراً والآخر معسراً وجبت نفقة أحدهما على الآخر إذا كانا يتوارثان، واحتجوا في هذه النكتة⁣(⁣١).

  وإيجاب النفقة على أحدهما للآخر؛ لقول الله ø: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}⁣[البقرة: ٢٣٣]، وقالوا أيضاً: إنه لا يجب على اليتيم أن ينفق من يكفله - قريباً كان أو بعيداً - على عياله من ماله، فأمَّا الذين أجازوا النفقة لمن كفل اليتيم [٢٨ ب - أ] من [٧٨ ب - ب] ماله غير أقاربه، فإنهم قد أجازوا ذلك إذا كان مال اليتيم شاغلاً للولي بالقيام فيه والإصلاح له أن يأكل وينفق بالمعروف⁣(⁣٢).

  (قال عبد الله بن الحسين ª: ولا أحب ذلك لمن كفل يتيماً، ولا أراه أن يكون إلاَّ بإجماع من أقاربه إن لم يكن أمام أن يجعل شيئاً معروفاً على قيامه كما جعل لغيره من الوكلاء فقط)⁣(⁣٣).


(١) النكتة: من نكت رمحه بأرض إذا أثر فيها، وهي مسألة لطيفة أخرجت بدقة نظر وإمعان، وقد سميت المسألة الدقيقة: نكتة؛ لتأثير الخواطر في استنباطها. التعريفات. ص (٣١٦).

(٢) يمكن إيضاح تلك الآراء مع رأي المؤلف في النقاط التالية: الأولى: الواجب على من كفل اليتيم أن يأكل من ماله بالمعروف إذا كان فقيراً، وكذا يخالطه بالنفقة، وإن كان سيحدث الغبن عند الأكل فلا حرج على الولي إن أكل أكثر من اليتيم؛ لأن الله قد أباح له المخالطة.

الثانية: لا يحل البتة لمن كفل يتيماً أن يأكل من ماله إلا إن كان من عصبته وممن يرث بعضهم البعض، وفي هذه الحالة جائز للولي أن يأكل من ماله إن كان فقيراً، إضافة إلى أنه يجب النفقة إذا كان أحدهما موسراً والآخر معسراً، واحتج أصحاب هذا الرأي بالآية: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} وهي آية الرضاع.

الثالثة: أن اليتيم لا تجب عليه النفقة لمن يكفله، سواء كان بعيداً أم قريباً، أما الذين أجازوا لمن كفل اليتيم من غير الأقارب فإنهم أجازوا ذلك بشرط هو: إن كان مال اليتيم شاغلاً للولي بالقيام فيه والإصلاح له أن يأكل وينفق بالمعروف، والرأي عند المؤلف أنه يجب - كفالة اليتيم - الأخذ من مال اليتيم إلا بإجماع من أقارب اليتيم؛ إذ لم يوجد إمام يجعل له شيئاً معروفاً مقابل كفالته، شأنه في ذلك شأن ما يجعل لغيره من الوكلاء فقط.

(٣) ساقط في (جـ).