[الاستغفار للمشركين والتبرؤ منهم]
  يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ١١٣ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}[التوبة: ١١٣ - ١١٤]، فزعم قوم أنه تبرأ منه وترك الاستغفار له وهو حي، وقال آخرون: لم يترك الاستغفار له ولا تبرأ منه إلاَّ بعد موته، والقول عندنا الأول.
  قال عبد الله بن الحسين ª: فهذا ما ذكر في الإذن في الاستغفار وناسخه بعد ذلك، وقد ذكر قوم [٩٦/ ٢] أن رسول الله ÷ صلى على عبدالله بن أبي بن سلول(١) لما طلب ذلك منه ابنه، وذكر أن ابنه طلب منه قميصه ليكفنه فيه فدفعه إليه، وزعم قوم أن رسول الله [٣٧ أ - أ] لما أنزل الله عليه: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠] قال عند ذلك: «سوف أزيد على السبعين في [٩٥ أ - ب] الاستغفار»(٢) فأنزل الله عند ذلك على رسوله ÷ في سورة المنافقين عزماً منه بترك المغفرة لهم: {لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[المنافقون: ٦]، ولست أدري ما هذه الأخبار، غير أني أذكر ما تكلم الناس فيه، وكيف يجوز هذا عندي أو عند من عقل والله يقول لنبيه ÷ [١٧ أ - جـ]: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}[التوبة: ٨٤](٣) فان تكن الصلاة وهذه
(١) هو عبدالله بن أبيّ بن مالك بن الحارث بن عبيد الخزرجي أبو الحباب المشهور بابن سلول، وسلول جدته لأبيه من خزاعة: رأس المنافقين في الإسلام من أهل المدينة، كان سيد الخزرج في آخر جاهليتهم، وأظهر الإسلام بعد وقعة بدر، تقية. وكان عملاقاً، يركب الفرس فتخط إبهاماه في الأرض. انظر: الأعلام (٤/ ٦٥).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١٢٦٩، ٥٧٩٦، ١٣٦٦، ٤٦٧١)، ومسلم (٢٧٧٤/ ٤)، والترمذي رقم (٣٠٩٨، ٣٠٩٧) (٥/ ٢٧٩ - ٢٨٠) عن عمر، النسائي في المجتبى (١٩٦٦، ١٩٠٠)، وابن ماجة (١٥٢٣)، والنسائي في تفسيره (١/ ٥٥١ - ٥٥٤)، وأحمد في مسنده (٩٦، ٦٦٦)، وانظر: تحفة الأشراف رقم (١٠٥٠٩، ٨١٣٩).
(٣) انظر جامع البيان (٦/ ٤٣٩ - ٤٤١)، الطبري (١٠/ ١١٣ - ١١٤)، القرطبي (٨/ ٢١٨ - ٢٢٣).