[مقدمة المؤلف]
  وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وعلى أخيه ووصيه، والقائم بالحق بعده، وعلى سِبطيه، وأهل بيته إنه على ما يشاء قدير.
  قال عبد الله بن الحسين ª: اختلف الناس في معانِي كتاب الله، وتفسير مافيه على فِرَق يكثر ذكرها، ويطول شرحها(١)، وخاصة في ناسخه ومنسوخه، فألفت(٢) ووضعت كتابي هذا قاصداً فيه لذكر الناسخ والمنسوخ من المفروضات، غير أني أحببت ذكر جملة مَا فيه من المعاني مبهمة(٣)، وأنا مفسرها إن شاء الله تعالى في كتاب غير هذا؛ لما أردت من إفراد كتابي هذا بذكر ناسخ القرآن ومنسوخه(٤)، وإني عند ذلك، نظرت في كتاب ربي، فأعملت الفكر في تنزيل خالقي، مع مَا كان عندي من علم مشائخي، حتى وقفت من ذلك على مَا أَمَّلْتُه(٥) وظفرت منه بما [٦٠ ب - ب] طلبت، وإذا جميع [١ ب - أ] ذلك يدور على معان كثيرة منها: ناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه(٦)، وحلال وحرام، ومقدم ومؤخر، وظاهر
(١) صنف في ذلك الكثير من العلماء، كالقاضي أبو المعالي، والسيوطي، والزركشي، وغيرهم كثر، قال القاضي أبو المعالي: عزيزي ابن عبد الملك: اعلم أن الله تعالى سمى القرآن بخمسة وخمسين اسماً: كتابا، قرآناً، كلاماً، نوراً، هدى، رحمة، ... إلخ. انظر: كتاب البرهان في علوم القرآن. (١/ ٢٧٣ - ٢٨٢).
(٢) في (أ): فألفته.
(٣) البهم: جمع بهمة، وهي مشكلات الأمور، وسميت مبهمة؛ لأنها أبهمت عن البيان، فلم يجعل عليها دليلاً.
(٤) في (أ، ب): فذكرالناسخ والمنسوخ ناسخ القرآن ومنسوخه.
(٥) في (جـ): أملت.
(٦) المحكم: أصله في اللغة: المنع تقول: أحكمت بمعنى رددت، ومنعت، والحاكم لمنعه الظالم من الظلم، وحكمة اللجام، التي تمنع الفرس من الاضطراب.
وفي الاصطلاح: ما أحكمته بالأمر والنهي، وبيان الحلال والحرام، وقيل: هو الذي لم ينسخ، وقيل: الناسخ، وقيل: ما لا يحتمل في التأويل إلاّ وجهاً واحداً، وقيل: الفرائض والوعد و الوعيد، وقيل: ما تكرر لفظه، وقيل غير ذلك.
المتشابه: أصله أن يشبه اللفظ في الظاهر مع اختلاف المعاني، واختلف فيه، فقيل: هو المشبه الذي يشبه بعضه بعضاً، وقيل: هو المنسوخ الغير معمول به، وقيل: القصص والأمثال، وقيل: ما أمرت أن تؤمن به، وتكل علمه إلى عالمه، وقيل: فواتح السور، وقيل: ما لا يدرى إلاَّ بالتأويل، وقيل غير ذلك، انظر: البرهان في علوم القرآن، للزركشي، (٢/ ٦٨ - ٧١)، التعريفات للجرجاني. ص (٢٥٣، ٢٦٣).