الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[أقسام الناسخ والمنسوخ]

صفحة 44 - الجزء 1

  وقد قال غيرنا: أن الناسخ والمنسوخ عندهم على ثلاثة وجوه، منها:

  [أولاً]: مَا قلنا به.

  والثاني: نسخ الخط وتحويله من مكان إلى مكان.

  والثالث: عندهم رفع السورة وإنساؤها من كان يحفظها، وهذا قول فاسد مَدْخُول، وقد احتجوا في ذلك بحديث [٢/ ١] عن النبي ÷ لا أراه حقاً، ولا أعرفه، غير أني أحببت ذكره؛ كي لا يحتج به محتج جاهل فيجهِّل به غيره - زعموا أن رجلاً من المسلمين كان يحفظ سورة من القرآن، فقام يقرؤها (من الليل)⁣(⁣١) فلم يقدر عليها (ثم قام آخر من المسلمين يقرؤها، فلم يقدر عليها، ثم قام رجل ثالث يقرؤها فلم يقدر عليها)⁣(⁣٢) فلما أصبحوا غدوا إلى النبي ÷، فقال بعضهم: يا رسول الله، قمت البارحة لأقرأ سورة كذا وكذا، فلم أقدر عليها.

  وقال الآخر: يا رسول الله مَا جئت إلاَّ لهذا، وقال الثالث [٦١ ب - ب] مثلهما.

  فقال رسول الله ÷: «إنها نسخت البارحة»⁣(⁣٣).

  وذكروا أيضاً قول الله [٢ ب - أ] ø: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشّيْطَانُ فِي أُمْنِيَتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِه}⁣[الحج: ٥٢].

  والنسخ هاهنا له وجه غير الوجوه الأولى⁣(⁣٤)، وتأويل غير التأويل الأول، و المعنى فيهما مفترق، غير أني أحببت ذكره إذْ ذكروه.


(١) ساقط في (ب).

(٢) ساقط في (ب).

(٣) الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ٢٢٣ ح ١٣١٤١)، والهيثمي في المجمع (٦/ ٣١٨) وقال: رواه الطبراني، وفيه سلمان بن أرقم وهو متروك، كما احتج به ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص (٣٣ - ٣٤) عن أبي أمامة، وأورد روايات أخرى عن مجاهد، وأبي بن كعب وابن مسعود، وقد نوه المؤلف | إلى أن تلك الرواية بأنه لا يراها حقاً ولا يعرفها، وهو ما ذهب إليه صاحب المجمع من أن في الخبر سليمان بن أرقم وهو متروك.

(٤) انظر: جامع البيان للطبرسي (٩/ ١٧٤ - ١٧٨)، نواسخ القرآن ص (٢٠)، النحاس ص (١٠).