[أقسام الناسخ والمنسوخ]
  وقد قال غيرنا: أن الناسخ والمنسوخ عندهم على ثلاثة وجوه، منها:
  [أولاً]: مَا قلنا به.
  والثاني: نسخ الخط وتحويله من مكان إلى مكان.
  والثالث: عندهم رفع السورة وإنساؤها من كان يحفظها، وهذا قول فاسد مَدْخُول، وقد احتجوا في ذلك بحديث [٢/ ١] عن النبي ÷ لا أراه حقاً، ولا أعرفه، غير أني أحببت ذكره؛ كي لا يحتج به محتج جاهل فيجهِّل به غيره - زعموا أن رجلاً من المسلمين كان يحفظ سورة من القرآن، فقام يقرؤها (من الليل)(١) فلم يقدر عليها (ثم قام آخر من المسلمين يقرؤها، فلم يقدر عليها، ثم قام رجل ثالث يقرؤها فلم يقدر عليها)(٢) فلما أصبحوا غدوا إلى النبي ÷، فقال بعضهم: يا رسول الله، قمت البارحة لأقرأ سورة كذا وكذا، فلم أقدر عليها.
  وقال الآخر: يا رسول الله مَا جئت إلاَّ لهذا، وقال الثالث [٦١ ب - ب] مثلهما.
  فقال رسول الله ÷: «إنها نسخت البارحة»(٣).
  وذكروا أيضاً قول الله [٢ ب - أ] ø: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشّيْطَانُ فِي أُمْنِيَتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِه}[الحج: ٥٢].
  والنسخ هاهنا له وجه غير الوجوه الأولى(٤)، وتأويل غير التأويل الأول، و المعنى فيهما مفترق، غير أني أحببت ذكره إذْ ذكروه.
(١) ساقط في (ب).
(٢) ساقط في (ب).
(٣) الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ٢٢٣ ح ١٣١٤١)، والهيثمي في المجمع (٦/ ٣١٨) وقال: رواه الطبراني، وفيه سلمان بن أرقم وهو متروك، كما احتج به ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص (٣٣ - ٣٤) عن أبي أمامة، وأورد روايات أخرى عن مجاهد، وأبي بن كعب وابن مسعود، وقد نوه المؤلف | إلى أن تلك الرواية بأنه لا يراها حقاً ولا يعرفها، وهو ما ذهب إليه صاحب المجمع من أن في الخبر سليمان بن أرقم وهو متروك.
(٤) انظر: جامع البيان للطبرسي (٩/ ١٧٤ - ١٧٨)، نواسخ القرآن ص (٢٠)، النحاس ص (١٠).