[حكم أخذ الوالد من مال ولده]
  يجوز له غير ذلك، فإن كان ذلك صحيحاً معلوماً فيه ونَعِمَ وإلا فقوله تعالى: {وَلاَ تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء: ٢٣] يقضي بأنه ليس للولد أن يمنع أبويه ولايجرهما إلى الحاكم ولو كانا غنيين؛ لأن ذلك نص في النهي عن نهرهما مطلقاً في حال الفقر وحال الغنى، وقد رويت أخبار كثيرة(١) عن النبي صلى الله عليه وآله تؤدي ما ذكرناه.
  منها ما رواه أبو طالب # بإسناده إلى النبي ÷، وذكر أموراً(٢) أوصى بها أبا(٣) ذر ¦ إلى أن قال: ثم قام إليه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: «بر والديك وإن أمراك أن تنخلع من مالك فافعل»(٤) الخبر.
  ومنها الحديث المشهور عنه ÷ أنه قال: «أنت ومالك لأبيك»(٥).
  ومنها ما رواه في (الشفاء) عن عائشة عن النبي ÷ أنه قال: «أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه»(٦)، وكذلك القول إذا طلب الوالد من الولد أن يخدمه وهو قوي، أو يجد من يخدمه بالأجرة
(١) كثيرة: زيادة في (ب).
(٢) عن أبي ذر ¦، قال: أوصاني رسول الله ÷ بسبع: «أوصاني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني أن أصل الرحم وإن أوذيت، وأوصاني بقول الحق وإن كان مراً، وأوصاني بأن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنوز الجنة ...». أمالي أبي طالب ص ٤١٩.
(٣) في (أ): أبو، وفي (ب): أبي، والصواب ما أثبته.
(٤) المصدر السابق ص ٤١٩.
(٥) أخرجه في درر الأحاديث النبوية ص ١٢٠.
(٦) الشفاء للأمير الحسين - خ - والحديث بلفظ: «أطيب ما أكل الرجل من كسبه» عزاه في موسوعة أطراف الحديث إلى: مصنف ابن أبي شيبة (١٤: ١٩٦)، وعزاه أيضاً إلى البداية والنهاية لابن كثير (٢: ١٠).