مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[شبهة القائلين بجواز ذلك والرد عليهم]

صفحة 284 - الجزء 1

  وبالجملة من طالع كتب الحديث وجد ذلك متواتراً معنىً، بل ذلك معلوم من الدين ضرورة، وإنما أوردت ذلك؛ لما في ذكره من الموعظة والتخويف، وقد قيل: إن تسليم الأموال إليهم وما ضاها ذلك لا يكون معاونة لهم إلا مع قصد كونه معاونة.

[شبهة القائلين بجواز ذلك والرد عليهم]

  وشبهتهم في ذلك أن قالوا: إنما هو مجرد تمكين، ومجرد التمكين لا يقبح، كتمكين الله تعالى للعصاة من الأموال وغيرها، ثم لايسمى مجرد التمكين من غير قصد معاونة، وإلا لزم أن يسمى الله تعالى معيناً على الظلم والله تعالى منزه عن ذلك، فما كان من المكلف من التسليم إليهم من غير قصد لا تناوله تلك الأدلة، وذلك باطل؛ لأن تمكين الله تعالى للعصاة إنما كان ليصح التكليف، وتثبت الطاعة للمطيع والمعصية للعاصي، إذ لو لم يُمكِّنهم لم يكن المطيع مطيعا، ولا العاصي عاصيا، ولا اسْتُحِقّ ثواب ولا عقاب، ألا ترى أنه تعالى مكّنهم من المعاصي! ولم يكن ذلك قبيحاً منه تعالى لما كان لا يصح التكليف إلا به، ولم يجز للمكلف أن يمكن العاصي من المعصية لما كان مكلفاً بالذبِّ عن دين الله سبحانه وتعالىّ.

  ياسبحان الله فَلِمَ لم يجعلوا ذلك كتمكين المكلف للعاصي من المعاصي! كأن يمكِّنه من⁣(⁣١) الخمر فيشربه، أو من الزنى فيفعله، أو من نفس محرمة فيقتلها، وينظروا هل يحل ذلك! لأن القياس


(١) من زيادة في (ب).