مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم رد السلام عليهم]

صفحة 181 - الجزء 1

[حكم رد السلام عليهم]

  وقال السائل: فما حكم رد السلام عليهم؟

  والجواب والله الموفق: أنهم إن كانوا ممن لا يحل قتالهم لذمة أو غيرها فلا بأس به لقوله تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ...}⁣[الممتحنة: ٨] الآية، ورد السلام من جملة البر.

  ولما روى الهادي # في (الأحكام) عن رسول الله ÷ أنه قال: «إن اليهود إذا سلموا عليكم فإنما يقولون: السام عليكم، فقولوا: وعليكم»⁣(⁣١) فلم ينه صلى الله عليه وآله عن رد السلام، وإنما أمر صلى الله عليه وآله أن يرد عليهم بمثل ما قالوا، لكن يجب أن نحترز من الدعاء لهم بما لا يجوز من نحو المغفرة والرحمة في المستقبل، والأصل في ذلك قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ...} إلى قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}⁣[التوبة: ١١٣]، والفساق من أصحاب الجحيم بالأدلة القاطعة، وعلى ذلك إجماع أهل البيت $.

  وقال السائل: فإذا قال المبتدئ فاسقاً كان أو كافراً لا يحل قتاله عند ابتدائه بالسلام ورحمة الله فهل يجب الرد لذلك⁣(⁣٢) لقوله تعالى: {أَوْ رُدُّوهَا}⁣[النساء: ٨٦].

  والجواب والله الموفق: أن ذلك لا يجوز إذا كان بمعنى الرحمة في⁣(⁣٣) المستقبل، وإذا كان بمعنى الرحمة الراهنة جاز؛ لأنها من الله شاملة للعصاة


(١) الأحكام (٢/ ٥٥١) كتاب الزهد والآداب، باب القول في السلام.

(٢) في (ب): كذلك.

(٣) في: سقط من (ب).