مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[الدليل العلمي]

صفحة 34 - الجزء 1

  وأما وجوب العمل بالشهادة، وهي لا تثمر إلا الظن، فهو حكم فرعي اقتضاه دليل علمي خاص⁣(⁣١) وهو قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ...}⁣[البقرة: ٢٨٢] الآية ونحوها، والحكم غير دليله، وكلامنا إنما هو في أدلة الأحكام لا في نفس الأحكام؛ لأنَّا نوجب في كل حكم أن يكون دليله علمياً، وإن كان الحكم لا يفيد إلا الظن⁣(⁣٢) كالتحري في الفطر، وكثلاث زوجات ملتبسات بمطلقة، فتأمله.

[الدليل العلمي]

  فإن قيل: فعلى هذا يلزم⁣(⁣٣) أن يكون كلما اقتضاه الدليل العلمي غير مفيد للعلم كالإجماع مثلاً.

  قلت وبالله التوفيق: إن الذي يقتضيه الدليل العلمي قسمان:

  الأول: الحكم وهو نحو ما ذكرناه، فلا يشترط في الحكم أنه يفيد علماً إلا في الظاهر فقط.

  والثاني: الدليل نحو الإجماع، فالدليل العلمي لو لم يكن شاهداً بصدقه ظاهراً وباطناً، لم يكن حجة على شيء من الأحكام؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦].

  وأما إطباق التابعين وفقهاء الأمصار على قبول المظنون، فمردود؛ لأن قدماء الأئمة $ كما يأتي إن شاء الله تعالى، والبغدادية⁣(⁣٤)


(١) خاص: سقط من (ب).

(٢) في (ب): ظناً

(٣) يلزم: زيادة في (ب)

(٤) البغدادية: مدرسة بغداد الاعتزالية ظهرت في القرن الثالث وتزعمها بشر بن المعتمر المتوفى سنة ٢١٠ هـ.