[الرد على القائلين بجواز تسليم بعض المال للظلمة]
[الرد على القائلين بجواز تسليم بعض المال للظلمة]
  وقالوا: إنما قلنا بجواز تسليم بعض المال ليسلم ما هو أكثر منه(١) وليندفع بذلك محظوراً، وهو: اغتصاب الظلمة سائر أملاكنا لو فررنا وتركناها أو إفسادها.
  قلت وبالله التوفيق: إن ذلك لا يصح التعلق به؛ لأن الله لم يجعله عذراً في محكم كتابه حيث قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: ٢٤].
  ووجه الاستدلال بهذه الآية الكريمة على بطلان ما تمسكوا به: أن مفارقة الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة، وكذلك الأموال ولو انتهت أو فسدت؛ لأن الله تعالى لم يستثن شيئاً ولم يجعله الله عذراً ولا رخصة في ترك طاعته وطاعة رسول الله ÷ وترك الجهاد في سبيله، حيث قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ} إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ}، والمراد بذلك طاعته تعالى وطاعة رسوله، لا مجرد المحبة التي يزعمون أنها لا تفارق قلوبهم؛ لأنه لو أراد ذلك لم يكن للآية معنى؛ لأن مجرد تلك المحبة التي يزعمون ممكنة مع عدم المفارقة للمال، فإن أبيت هذا التأويل فاعلم أن المحبة لله ولرسوله مستلزمة لطاعة الله وطاعة رسوله؛ لأن المحبوب مطاع كما في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١].
  وكما يروى لأمير المؤمنين كرم الله وجهه شعراً:
(١) في (ب): من ذلك.