[حكم المجبرة والمشبهة]
  سيده بذلك؟! وصغَّره وحقَّره! والجبر والتشبيه من ذلك إلا أن بين الأمرين تفاوتاً عظيماً؛ لأنهما استنقاص بإله العالمين - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -(١)، والمعلوم من الدين ضرورة أن من استنقص بإله العالمين فهو كافر، وأي كفر يكون أعظم من كفر من يبرئ عبدة العجل والأوثان! ويقول: إنما فعل ذلك الرحمن - تعالى عنه علواً كبيراً -، وكفر(٢) من لا يعرف الله البتة ويعبد جسماً غيره.
  ومن الدليل على كفرهم من الكتاب قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى على الله كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}[العنكبوت: ٦٨]، وقوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ على الله وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}[الزمر: ٣٢].
  ووجه الاحتجاج بالآيتين [المذكورتين](٣): أن الله سبحانه سمّى من كذب عليه، أو كذب بالحق والصدق في آخرهما كافرين، والمجبرة قد افترت على الله الكذب حيث زعمت أن الله سبحانه فعل المعاصي، وكذّبت بالصدق، وهو قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت: ٤٦] وهم يقولون: بلى هو فاعل الظلم كله! - تعالى الله عن ذلك -، وكذّبت بقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}[المائدة: ٧٣]، حيث قالت: إنه لا فعل لهم من القول وغيره، والمشبِّهة قد افترت على الله الكذب حيث قالت: إن الله أمرهم بعبادة جثة طويلة عريضة عميقة، وأنها هي ربهم - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - وكذّبت بالصدق والحق، وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١].
(١) في (ب): تعالى عنهما علواً كبيراً.
(٢) في (ب): أو كفر.
(٣) ما بين المعكوفين: سقط من (ب).