تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 108 - الجزء 1

  ترك الكفر وهذا خلاف قولكم ان اللّه تعالى قد مكن وأزاح العلة. وجوابنا أن المراد انه لا يغفر لهم في الآخرة ولا ليهديهم سبيلا إلى الثواب.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} ان ظاهره يدل على أنه منعهم من الايمان.

  وجوابنا ان المراد بالطبع والختم قد فسرناه وانه علامة وليس يمنع ولذلك قال تعالى {فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} ولو كان منعا فمنع القليل كما يمنع الكثير وربما قيل في قوله تعالى {كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ} أنه قال بعده {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} فدل بذلك ان الايمان من فعله.

  وجوابنا انا نقول في الايمان انا وصلنا اليه باللّه تعالى وبفضله وألطافه. وبعد فليس في الظاهر ما قالوه بل المراد فمنّ اللّه عليكم بالأدلة والبيان وإرسال الرسل وذلك صحيح.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} كيف يصح أن يهديهم إلى طريق جهنم والهداية لا تكون الا في المنافع.

  وجوابنا ان ذلك مجاز فشبه ذلك بالهداية إلى الثواب لما كان طريقا إليها ويحتمل أن يريد لكن يسوقهم إلى جهنم فيكون في حكم المبتدأ من الكلام.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ} ما الفائدة في اثنتين وقد عرف ذلك بقوله كانتا. وجوابنا إنه كان يجوز أن يقال بعد قوله كانتا صغيرتين أو صالحتين إلى غير ذلك من الصفات فأفاد بقوله اثنتين ان المراد العدد وذلك فائدة صحيحة.