تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 155 - الجزء 1

  لزاد في الطاعات وليس المراد لاستكثرت من الخير فيما يتصل بلذات الدنيا وقد يحتمل لاستكثرت من الخير في دفع المضار عن نفسي والمؤمنين من أصحابي ولذلك قال بعده {وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

[مسألة]

  وربما سألوا عن قول اللّه تعالى {أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها} على وجه المحاجة لمن يعبد الأصنام كيف يصح ذلك والمعبود الذي هو الاله لا يوصف بهذه الصفات أيضا. وجوابنا أن فقد هذه الأعضاء والحواس نقص في الأجسام ووجودها فضيلة في الأحياء، فصح أن يحاجهم بذلك واستحالة ذلك على اللّه تعالى هو الذي يوجب صحة الإلهية لأنها لو جازت عليه لكان محدثا فكيف يصح ما سألوا عنه.

[مسألة]

  وربما سألوا في قوله {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ} كيف يصح أن يأمر بالمعروف والجهاد والاعراض عن الجاهلين واجتماع ذلك لا يصح. وجوابنا أن المراد أن يأمرهم بالمعروف ويقيم عليهم الحجة فان هم ردوا ذلك فتجاهلوا أعرض عنهم وذلك لا يتنافى ومعنى قوله {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ} التحرز من وسوسة الشيطان لان الشيطان لا يتمكن من الرسول وربما كان الخطاب بذكر الرسول والمراد غيره.