تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 157 - الجزء 1

سورة الأنفال

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ} كيف يتعلق الأنفال بالتقوى واصلاح ذات البين. وجوابنا ان الأنفال التي ملكها اللّه تعالى الرسول وأمره بوضعها في حقها يحتاج فيها إلى أن يتقوا اللّه وإلى أن يصلحوا ذات بينهم فيعدلوا عن الميل والحيف وأن يطيعوا اللّه ورسوله في الرضا بما يأتيه ومفارقة السخط وذلك نهاية في الاحكام ثمّ وصف تعالى المؤمنين بما قال {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فقال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} فجعل من وصف المؤمن انه عند ذكر ربه يوجل قلبه فيخاف من تقصير في عبادته ويرجو، وعند ذلك يصير المرء وجل القلب وعند تلاوة القرآن يزداد إيمانا بالعلم به والعمل. ويتوكل على ربة فيما يحصل له من الدنيا وفيما يكسبه من المال فيطلبه بالوجه المباح ولا يجزع إذا لم ينله بل يسير على الحال فلا يتعداه فيحصل متوكلا وليس التوكل الكسل كما ظنه بعضهم. ولذلك قال (لو توكّلتم على اللّه حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطّير تغدو خماصا وتروح بطانا) فجعلها متوكلة وان طلبت وجعل من صفتهم إقامة الصلاة والانفاق مما رزقوا وذلك يدل على أن الرزق لا