[مسألة]
  يتمسكوا بسائر ما ذكر بعد ذلك وانهم خالفوا وتولوا الا قليلا وانهم سفكوا الدماء. وبين تعالى ان جزاء ذلك الخزي في الحياة الدنيا وان يردوا إلى أشد العذاب وزجر بذلك عن مثل فعلهم وذمهم على التكذيب بالقرآن بقوله {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ} كل ذلك رجز عن فعل مثلهم.
[مسألة]
  وقالوا قال تعالى {قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} فقالوا كيف يجوز تعليله لإنزاله القرآن بأنهم أعداؤه. وجوابنا انه أراد توكيد ذمهم بأنه بالمحل الذي ينزل به الوحي والقرآن لأجله على الرسل وزجرهم بذلك عن عداوتهم ثمّ بين ان من كان عدوا للّه وملائكته ورسله وجبريل وميكال فاللّه عدوه بقوله {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ}.
[مسألة]
  وسألوا عن قوله {وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ} وقالوا الآية تدل على أن السحر من عند اللّه وان الملائكة أنزلت به وعلى أنه إذا أدى إلى مضرة فبإذن اللّه. وجوابنا انه تعالى حكى عن اليهود انهم نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم وانهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين والمراد بذلك ما تخبر به الشياطين على ملك سليمان ويكذبون عليه فإنهم يتبرءون من نبوّته أعني اليهود وينسبوه إلى السحر كما حكت الشياطين فقال تعالى {وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ} نزهه عن السحر الذي نسبوه اليه ثمّ قال {وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا} بان نسبوا السحر إلى سليمان على وجه الكذب وجحدوا نبوّته ثمّ قال تعالى في وصفه الشياطين {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} على وجه الاضرار ثمّ قال تعالى {وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ} فبين انه تعالى أنزل ببابل السحر عليهما ليعرفا الناس فيتحرزوا من ضرره لان تعريف الشر حسن ومعه يصح الاحتراز