تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 329 - الجزء 1

سورة السجدة

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ} أليس ذلك صريحا في أنه تعالى في السماء؟ وجوابنا أنه جعل جل وعز السماء مكانا للملائكة وللأرزاق التي بها يحيي الناس ولذلك قال تعالى {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ} فلأجل ذلك قال {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ} ومعنى قوله {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} أي إلى المكان الذي لا حكم فيه الا حكمه لانّ الملائكة طوع اللّه ولا يفعلون إلا بأمره.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}. وجوابنا أن المراد بهذه الآية نزول الملائكة بالوحي وغيره من السماء إلى الأرض ورجوعها إلى مكانها فلا يكون ألف سنة بل بين السماء والأرض مسير خمسمائة عام وأما الآية الثانية فالمراد بها يوم القيامة ويدل عليه قوله تعالى {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً} فبين أنه يطول ذلك الزمن على الكفار لشدته فيساوي لأجل تلك الشدائد خمسين ألف سنة وقوله من بعد {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} يبين أنه لا قبيح في قوله ولا أسمائه فان قيل ففي جملة ما خلق ما يقبح في الصورة.

  فجوابنا أن المراد نفي ما يقبح في العقل من فعله لا ما يستقبح في الصورة بين ذلك ان هيئة الانسان في صلاته وقضاء حاجته والنهي عن المنكر قد يستقبح في المنظر وتوصف مع ذلك بأنها حسنة وحكمة وقوله تعالى {أَ إِذا ضَلَلْنا فِي