تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 330 - الجزء 1

  الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ} يدل على بطلان تعلقهم في باب الرؤية بذكر اللقاء لانّ اللّه ø بين أنهم كافرون بلقاء ربهم وأراد كفرهم بالإعادة وبالثواب والعقاب وقوله ø من بعد {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} المراد به يقولون ربنا وحذف مثل ذلك يحسن في الكلام إذا كان فيه ما يدل عليه ولا يجوز أن يتمنوا ذلك ويسألوه الا والعقاب من جهتهم يقع وباختيارهم يكون وقوله تعالى {وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها} فالمراد به على وجه الالجاء الذي وقع لم ينتفعوا به لأنهم انما ينتفعون بما يفعلونه طوعا ليستحقوا به الثواب ولذلك قال تعالى {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} وقوله {فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا} يدل على أن اللقاء ليس بمعنى الرؤية وأراد تركتم النظر والعلم بالإعادة وقوله تعالى {إِنَّا نَسِيناكُمْ} والنسيان على اللّه تعالى لا يجوز والمراد به عاقبناكم على ترككم على مثال قوله تعالى {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} وقوله تعالى {أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} يدل على أن الفاسق ليس بمؤمن لأنه تعالى ميز بينهما فجعل للمؤمنين جنات المأوى وللفاسقين النار.

[مسألة]

  ومتى قيل ما معنى قوله تعالى {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. وجوابنا أن المراد ما عجله من الآلام لكي يصلحوا فسماه عذابا مجازا ويجوز أن يريد بذلك عذاب القبر أو الحدود التي تقام على بعضهم فمن يعلم ذلك يكون أقرب إلى أن يرجع عن معاصيه وقوله تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها} أحد ما يدل على أن العبد مختار لفعله والا فالاعراض ممن لا يقدر على الشيء وتركه محال لأنه لا يقال في أحدنا أنه أعرض عما يعجز عنه