تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 388 - الجزء 1

  مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} أليس ذلك يدل على أنه خلق حضورهم؟

  وجوابنا ان قول القائل صرفت إلى فلانا فلانا يريد انه فعل ما عنده حضر من الأسباب وليس المراد أنه فعل نفس حضوره ولذلك قال تعالى {فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا} فأضاف الحضور إليهم وفي الآية دلالة على أن في الجن من آمن بالرسول وعلى أنهم مكلفون وفيهم مؤمن وكافر وعلى أنهم من أمة محمد وأنه دعاهم كما دعا الانس فلذلك قالوا في وصف القرآن {يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} أن ذلك يدل على أن في الرسل من هو أولي العزم وفيهم من ليس كذلك وأنتم تنكرون هذا القول. وجوابنا أن مثل ذلك قد يذكر ويراد به الكل فالمراد بقوله {مِنَ الرُّسُلِ} تمييز أولي العزم من غيرهم دون التبعيض فلا يدل على ما ذكروه.